الاحكام بذلك فوعد الثواب من أطاعه وأوعد العقاب من عصاه، وكذلك جعلتم لهم الاحكام على الناس، فمن عصاهم بها عاقبتموه وأوجبتم عليه معصية الله وعقوبة الدنيا والآخرة، ومن أطاعهم نسبتموه إلى السنة والجماعة وصار عندكم من أهل الثواب في الدنيا والآخرة، فهل زاد الله فيما تعبدهم به وأمرهم ونهاهم على ما صنعتم بهم؟! ولقد نسبتموهم إلى أنهم يعرفون الطاعة والمعصية والحكم فيهما برأيهم، ودفعتم النبي (ص) عن ذلك والوحي يأتيه لئن كانوا كما زعمتم يحسنون الحكم فيما ورد عليهم وان ذلك ليس فيما أنزل الله من كتاب ولا سنة من رسول الله (ص) فلقد حكمتم بالاستغناء عن بعثة النبي (ص) وعن تنزيل الكتاب إذا كانوا يعرفون كما زعمتم الحكم بما ليس فيهما وان ذلك في معنى قولكم ان الله بعث النبي (ص) ولا حاجة بهم إليه، وأنزل الكتاب وهم مستغنون عنه، وذلك أن الكتاب والسنة دليلان على ما يحتاج الناس إليه من امر دينهم فإذا كان هؤلاء يحسنون ما ليس في الكتاب ولا في السنة مما بالناس إليه الحاجة فما حاجتهم إلى حجج الكتاب والسنة فلئن كانت الاحكام من الدين فقد اكملها في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم (1) ولئن لم تكن من الدين فما بالعباد إليه حاجة، ولقد ألزمتكم ان كانت عندكم من الدين ان تقولوا ان الله تعبد خلقه من الدين بما ليس في الكتاب ولا السنة وكفى بها شنعة.
ولقد أوجبتم في قولكم على الله انه كان يأمر بالصغير من الامر ويتوكد فيه ويقول بالقول فيه تأكيدا وتشديدا ويهمل الكبير العظيم الخطير في الدين وذلك أنه يقول جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه (2) وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب ان يكتب كما علمه الله وليكتب وليملل الذي عليه الحق
صفحة ١١