أصول السرخسي
محقق
أبو الوفا الأفغاني
الناشر
لجنة إحياء المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
حيدر آباد
تصانيف
أصول الفقه
هُنَاكَ قُلْنَا إِنَّمَا يُطلق الِاسْم على ذَلِك مجَازًا بِحُصُول معنى الظُّهُور ﴿جدارا يُرِيد أَن ينْقض فأقامه﴾ وَقَالَ الْقَائِل وعظتك أَحْدَاث صمت وكل ذَلِك مجَاز
ثمَّ الدَّلِيل مجَازًا كَانَ أَو حَقِيقَة يكون مظْهرا ظهورا مُوجبا للْعلم بِهِ أَو دون ذَلِك
وَالشَّاهِد كالدليل سَوَاء كَانَ مظْهرا على وَجه يثبت الْعلم بِهِ أَو لَا يثبت بِهِ علم الْيَقِين بِمَنْزِلَة الشَّهَادَات على الْحُقُوق فِي مجَالِس الْحُكَّام
قَالَ ﵁ ثمَّ اعْلَم بِأَن الْأُصُول فِي الْحجَج الشَّرْعِيَّة ثَلَاثَة الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْأَصْل الرَّابِع وَهُوَ الْقيَاس هُوَ الْمَعْنى المستنبط من هَذِه الْأُصُول الثَّلَاثَة
وَهِي تَنْقَسِم قسمَيْنِ قسم مُوجب للْعلم قطعا ومجوز غير مُوجب للْعلم وَإِنَّمَا سميناه مجوزا لِأَنَّهُ يجب الْعَمَل بِهِ وَالْأَصْل أَن الْعَمَل بِغَيْر علم لَا يجوز قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ فسميناه مجوزا بِاعْتِبَار أَنه يجب الْعَمَل بِهِ وَإِن لم يكن مُوجبا للْعلم قطعا
فَأَما الْمُوجب للْعلم من الْحجَج الشَّرْعِيَّة أَنْوَاع أَرْبَعَة كتاب الله وَسنة رَسُول الله ﷺ المسموع مِنْهُ وَالْمَنْقُول عَنهُ بالتواتر وَالْإِجْمَاع
وَالْأَصْل فِي كل ذَلِك لنا السماع من رَسُول الله ﷺ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أسمعنا مَا أُوحِي إِلَيْهِ من الْقُرْآن بقرَاءَته علينا وَالْمَنْقُول عَنهُ بطرِيق متواتر بِمَنْزِلَة المسموع عَنهُ فِي وُقُوع الْعلم بِهِ على مَا نبينه وَكَذَلِكَ الْإِجْمَاع فَإِن إِجْمَاع هَذِه الْأمة إِنَّمَا كَانَت حجَّة مُوجبَة للْعلم بِالسَّمَاعِ من رَسُول الله ﷺ أَن الله تَعَالَى لَا يجمع أمته على الضَّلَالَة وَالسَّمَاع مِنْهُ مُوجب للْعلم لقِيَام الدّلَالَة على أَن الرَّسُول ﵇ يكون مَعْصُوما عَن الْكَذِب وَالْقَوْل بِالْبَاطِلِ
فَهَذَا بَيَان قَوْلنَا إِن الأَصْل فِي ذَلِك كُله السماع من رَسُول ﷺ
فصل فِي بَيَان الْكتاب وَكَونه حجَّة
قَالَ ﵁ اعْلَم بِأَن الْكتاب هُوَ الْقُرْآن الْمنزل على رَسُول الله ﷺ الْمَكْتُوب فِي دفات الْمَصَاحِف الْمَنْقُول إِلَيْنَا على الأحرف السَّبْعَة الْمَشْهُورَة نقلا متواترا لِأَن مَا دون الْمُتَوَاتر لَا يبلغ دَرَجَة العيان وَلَا يثبت بِمثلِهِ الْقُرْآن مُطلقًا وَلِهَذَا قَالَت الْأمة لَو صلى بِكَلِمَات تفرد بهَا ابْن مَسْعُود لم تجز صلَاته لِأَنَّهُ لم يُوجد
1 / 279