مِقْدَار مَعْلُوم وَإِذا تقرر هَذَا قُلْنَا الْجُزْء الأول من الْوَقْت سَبَب للْوُجُوب فبإدراكه يثبت حكم الْوُجُوب وَصِحَّة أَدَاء الْوَاجِب
هَذَا معنى مَا نقل عَن مُحَمَّد بن شُجَاع ﵀ أَن الصَّلَاة تجب بِأول جُزْء من الْوَقْت وجوبا موسعا وَهُوَ الْأَصَح
وَأكْثر الْعِرَاقِيّين من مَشَايِخنَا يُنكرُونَ هَذَا وَيَقُولُونَ الْوُجُوب لَا يثبت فِي أول الْوَقْت وَإِنَّمَا يتَعَلَّق الْوُجُوب بآخر الْوَقْت ويستدلون على ذَلِك بِمَا لَو حَاضَت الْمَرْأَة فِي آخر الْوَقْت فَإِنَّهَا لَا يلْزمهَا قَضَاء تِلْكَ الصَّلَاة إِذا طهرت والمقيم إِذا سَافر فِي آخر الْوَقْت يُصَلِّي صَلَاة الْمُسَافِرين وَلَو ثَبت الْوُجُوب بِأول جُزْء من الْوَقْت لَكَانَ الْمُعْتَبر حَاله عِنْد ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ فِي الْوَقْت لَقِي الله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو ثَبت الْوُجُوب فِي أول الْوَقْت لكَانَتْ الرُّخْصَة فِي التَّأْخِير بعد ذَلِك مُقَيّدَة بِشَرْط أَلا يفوتهُ كَمَا بَينا فِي الْأَمر الْمُطلق
ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فِي صفة الْمُؤَدِّي فِي أول الْوَقْت فَمنهمْ من يَقُول هُوَ نفل يمْنَع لُزُوم الْفَرْض إِيَّاه فِي آخر الْوَقْت إِذا كَانَ على صفة يلْزمه الْأَدَاء فِيهَا بِحكم الْخطاب قَالَ لِأَنَّهُ يتَمَكَّن من ترك الْأَدَاء فِي أول الْوَقْت لَا إِلَى بدل وَهَذَا حد النَّفْل وَلَكِن بِأَدَائِهِ يحصل مَا هُوَ الْمَطْلُوب وَهُوَ إِظْهَار فَضِيلَة الْوَقْت فَيمْنَع لُزُوم الْفَرْض إِيَّاه فِي آخر الْوَقْت أَو يُغير صفة ذَلِك الْمُؤَدِّي حِين أدْرك آخر الْوَقْت بِمَنْزِلَة مصلي الظّهْر فِي بَيته يَوْم الْجُمُعَة إِذا شهد الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام تَتَغَيَّر صفة الْمُؤَدى قبلهَا فَيصير نفلا بعد أَن كَانَ فرضا وَهَذَا غلط بَين فَإِنَّهُ لَا تتأدى لَهُ هَذِه الصَّلَاة إِلَّا بنية الظّهْر وَالظّهْر اسْم للْفَرض دون النَّفْل وَلَو نوى النَّفْل كَانَ مُؤديا للصَّلَاة وَلَا يمْنَع ذَلِك لُزُوم الْفَرْض إِيَّاه فِي آخر الْوَقْت وَلَا تَتَغَيَّر صفة الْمُؤَدى إِلَى صفة الْفَرْضِيَّة وَهَذَا لِأَن بِاعْتِبَار آخر الْوَقْت يجب الْأَدَاء وَلَيْسَ لوُجُوب الْأَدَاء أثر فِي الْمُؤَدى فَكيف يكون مغيرا صفة الْمُؤَدى وَمن يَقُول بِهَذَا القَوْل لَا يجد بدا من أَن يَقُول إِذا أدّيت الْجُمُعَة فِي أول الْوَقْت كَانَ الْمُؤَدى نفلا والتنفل بِالْجمعَةِ غير مَشْرُوع وَفِي قَول النَّبِي ﷺ
1 / 31