187

أصول السرخسي

محقق

أبو الوفا الأفغاني

الناشر

لجنة إحياء المعارف النعمانية

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

حيدر آباد

الْمُوجب للنسخ أَو التَّخْصِيص فَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب فِي شَيْء وَإِنَّمَا هَذَا الْبَاب لمعْرِفَة الْوُجُوه فِيمَا يقْتَرن بالْكلَام فَيصير حَقِيقَة وَدَلِيل النّسخ والتخصيص كَلَام معَارض إِلَّا أَن النّسخ معَارض صُورَة وَحَقِيقَة والتخصيص معَارض صُورَة وَبَيَان معنى حَتَّى لَا يكون إِلَّا بالمقارن وَلَكِن ذَلِك الْمُقَارن إِنَّمَا يتَبَيَّن بِمَا هُوَ نسخ مُبْتَدأ صِيغَة فَعرفنَا أَنه لَيْسَ من هَذَا الْبَاب فِي شَيْء قَالَ ﵁ والعراقيون من مَشَايِخنَا ﵏ يَزْعمُونَ أَنه لَا عُمُوم للنصوص الْمُوجبَة لتَحْرِيم الْأَعْيَان نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿حرمت عَلَيْكُم الْميتَة﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم﴾ وَقَوله ﵇ حرمت الْخمر لعينها وَقَالُوا امْتنع ثُبُوت حكم الْعُمُوم فِي هَذِه الصُّورَة معنى لدلَالَة مَحل الْكَلَام وَهُوَ أَن الْحل وَالْحُرْمَة لَا تكون وَصفا للمحل وَإِنَّمَا تكون وَصفا لأفعالنا فِي الْمحل حَقِيقَة فَإِنَّمَا يصير الْمحل مَوْصُوفا بِهِ مجَازًا وَهَذَا غلط فَاحش فَإِن الْحُرْمَة بِهَذِهِ النُّصُوص ثَابِتَة للأعيان الموصوفة بهَا حَقِيقَة لِأَن إِضَافَة الْحُرْمَة إِلَى الْعين تنصيص على لُزُومه وتحققه فِيهِ فَلَو جعلنَا الْحُرْمَة صفة للْفِعْل لم تكن الْعين حَرَامًا أَلا ترى أَن شرب عصير الْغَيْر وَأكل مَال الْغَيْر فعل حرَام وَلم يكن ذَلِك دَلِيلا على حُرْمَة الْعين وَلُزُوم هَذَا الْوَصْف للعين وَلَكِن عمل هَذِه النُّصُوص فِي إِخْرَاج هَذِه الْمحَال من أَن تكون قَابِلَة للْفِعْل الْحَلَال وَإِثْبَات صفة الْحُرْمَة لَازِمَة لأعيانها فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة النّسخ الَّذِي هُوَ رفع حكم وَإِثْبَات حكم آخر مَكَانَهُ فَبِهَذَا الطَّرِيق تقوم الْعين مقَام الْفِعْل فِي إِثْبَات صفة الْحُرْمَة والحل لَهُ حَقِيقَة وَهَذَا إِذا تَأَمَّلت فِي غَايَة التَّحْقِيق فَمَعَ إِمْكَان الْعَمَل بِهَذِهِ الصِّيغَة جعل هَذِه الحرمات مجَازًا بِاعْتِبَار أَنَّهَا صفة للْفِعْل لَا للمحل يكون خطأ فَاحِشا

1 / 195