أصول السرخسي
محقق
أبو الوفا الأفغاني
الناشر
لجنة إحياء المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
حيدر آباد
تصانيف
أصول الفقه
معنى الامتحان وَإِظْهَار فَضِيلَة الراسخين فِي الْعلم وتعظيم حرمتهم وَصرف ﴿يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ ثمَّ هُوَ مَوْجُود بِصفة الْكَمَال وَفِي كَونه مرئيا لنَفسِهِ وَلغيره معنى الْكَمَال إِلَّا أَن الْجِهَة مُمْتَنع فَإِن الله تَعَالَى لَا جِهَة لَهُ فَكَانَ متشابها فِيمَا يرجع إِلَى كَيْفيَّة الرُّؤْيَة والجهة مَعَ كَون أصل الرُّؤْيَة ثَابتا بِالنَّصِّ مَعْلُوما كَرَامَة للْمُؤْمِنين فَإِنَّهُم أهل لهَذِهِ الْكَرَامَة والتشابه فِيمَا يرجع إِلَى الْوَصْف لَا يقْدَح فِي الْعلم بِالْأَصْلِ وَلَا يبطل وَكَذَلِكَ الْوَجْه وَالْيَد على مَا نَص الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن مَعْلُوم وَكَيْفِيَّة ذَلِك من الْمُتَشَابه فَلَا يبطل بِهِ الأَصْل الْمَعْلُوم
والمعتزلة خذلهم الله لاشتباه الْكَيْفِيَّة عَلَيْهِم أَنْكَرُوا الأَصْل فَكَانُوا معطلة بإنكارهم صِفَات الله تَعَالَى وَأهل السّنة وَالْجَمَاعَة نَصرهم الله أثبتوا مَا هُوَ الأَصْل الْمَعْلُوم بِالنَّصِّ وتوقفوا فِيمَا هُوَ الْمُتَشَابه وَهُوَ الْكَيْفِيَّة فَلم يجوزوا الِاشْتِغَال بِطَلَب ذَلِك كَمَا وصف الله تَعَالَى بِهِ الراسخين فِي الْعلم فَقَالَ ﴿يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب﴾
فصل فِي بَيَان الْحَقِيقَة وَالْمجَاز
الْحَقِيقَة اسْم لكل لفظ هُوَ مَوْضُوع فِي الأَصْل لشَيْء مَعْلُوم مَأْخُوذ من قَوْلك حق يحِق فَهُوَ حق وحاق وحقيق وَلِهَذَا يُسمى أصلا أَيْضا لِأَنَّهُ أصل فِيمَا هُوَ مَوْضُوع لَهُ
وَالْمجَاز اسْم لكل لفظ هُوَ مستعار لشَيْء غير مَا وضع لَهُ مفعل من جَازَ يجوز سمي مجَازًا لتعديه عَن الْموضع الَّذِي وضع فِي الأَصْل لَهُ إِلَى غَيره وَمِنْه قَول الرجل لغيره حبك إيَّايَ مجَاز أَي هُوَ بِاللِّسَانِ دون الْقلب الَّذِي هُوَ مَوضِع الْحبّ فِي الأَصْل وَهَذَا الْوَعْد مِنْك مجَاز أَي الْقَصْد مِنْهُ الترويج دون التَّحْقِيق على مَا عَلَيْهِ وضع الْوَعْد فِي الأَصْل وَلِهَذَا يُسمى مستعارا لِأَن الْمُتَكَلّم بِهِ استعاره وبالاستعمال فِيمَا هُوَ مُرَاده بِمَنْزِلَة من اسْتعَار ثوبا للبس ولبسه وكل وَاحِد من النَّوْعَيْنِ مَوْجُود فِي كَلَام الله تَعَالَى وَكَلَام النَّبِي ﷺ وَكَلَام النَّاس فِي الْخطب والأشعار وَغير ذَلِك
1 / 170