تعريف الشافعي (ت ٢٠٤ هـ):
قال الشافعي: "إذا حدّث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ، فهو ثابت عن رسول الله ﷺ " (١)
وقد استطرد ﵀ في ذكر شروط الحديث الصحيح، فقال:
"خبر الواحد عن الواحد حتى ينتهى به إلى النبي ﷺ أو من انتهى به إليه دونه، ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورًا:
منها أن يكون من حدّث به ثقة في دينه، معروفًا بالصدق في حديثه، عاقلًا لما يحدث به، عالمًا بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدّي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدّث به على المعنى، لأنه إذا حدث على المعنى وهو غير عالم بما يحيل به معناه: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظًا إن حدث به من حفظه، حافظًا لكتابه إن حدث من كتابه. إذا شرك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريًا من أن يكون مدلسا (٢)، يحدث عن من
لقي ما لم يسمع منه، ويحدّث عن النبي ﷺ ما يحدث الثقات خلافه عن النبي ﷺ،
_________
(١) ذكره الشافعي في كتابه الأم، ولم ينصّ على كونه تعريفًا للصحيح؛ لكنه يتضمنه، وقد استشهد به ابن جماعة في كتابه المنهل الروي بعد أن عرّف الحديث الصحيح، وكذلك ابن الملقن في كتابه المقنع. المراجع: الشافعي، الأم، ٨/ ٥١٣، ابن جماعة، المنهل الروي، ٣٣، ابن الملقن، المقنع، ٤٣.
(٢) قال أيضًا ﵀ في كتابه الرسالة: "وأقبل في الحديث: (حدثني فلان عن فلان)، إذا لم يكن مدلسا" إلى أن قال: "ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته ... فقلنا: لا نقبل من مدلس حديثا حتى يقول فيه: (حدثني) أو (سمعت) ". ا. هـ. والتدليس نوع من أنواع الانقطاع في السند، وهو في الحديث على أنواع منها: تدليس الإسناد، ويُعدُّ من أنواع السقط الخفيّ في الإسناد، والذي عناه الشافعي بقوله: "يحدث عمّن لقي ما لم يسمع منه". المراجع: الشافعي، الرسالة، ٣٧٣ - ٣٨٠، ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٣، وسيأتي الحديث عنه بشيء من التفصيل في قيد نفي التدليس من ضمن القيود الزائدة على تعريف ابن الصلاح للصحيح.
1 / 48