178

أم القرى

الناشر

دار الرائد العربي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م

مكان النشر

لبنان/ بيروت

باستقرارهن فِي الْبيُوت إِلَّا لحَاجَة. وَلَا شكّ أَنه مَا وَرَاء هَذِه الْحُدُود إِلَّا فتح بَاب الْفُجُور، وَمَا هَذَا التَّحْدِيد إِلَّا مرحمة بِالرِّجَالِ وتوزيعًا لوظائف الْحَيَاة. والصينيون، وهم أقدم الْبشر مَدَنِيَّة، التزموا تَصْغِير أرجل الْبَنَات بالضغط عَلَيْهَا لأجل أَن يعسر عَلَيْهِنَّ الْمَشْي وَالسَّعْي فِي إِفْسَاد الْحَيَاة الشَّرِيفَة. ذَاك الشّرف الَّذِي هُوَ من أهم مَقَاصِد الشرقيين، بِخِلَاف الغربيين الَّذين لَا يهمهم غير التَّوَسُّع فِي الماديات والملذات. وَقد أمرت الشَّرِيعَة برعاية الْكَفَاءَة فِي الزَّوْج، وَذَلِكَ أَيْضا مرحمة بِالرِّجَالِ، وَأكْثر الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين أغفلوا لُزُوم تحري الْكَفَاءَة فِي جَانب الْمَرْأَة للرجل، وأوجبوا أَن يكون هُوَ فَقَط كُفؤًا لَهَا كي لَا تهلكه بفخارها وتحكمها. على أَن لرعاية الْكَفَاءَة فِي الْمَرْأَة للرجل أَيْضا مُوجبَات عائلية مهمة مِنْهَا: التخير للاستسلام والتخير لتربية النَّسْل، وللتساهل فِي ذَلِك دخل عَظِيم فِي انحلال الْأَخْلَاق فِي المدن. لِأَن التَّزَوُّج بمجهولات الْأُصُول أَو الْأَخْلَاق، أَو بسافلات الطباع والعادات، أَو بالغريبات جِنْسا أَو الرقيقات، مفاسد شَتَّى. لِأَن الرجل ينجر طَوْعًا أَو كرها لأخلاق زَوجته، فَإِن كَانَت سافلة يتسفل لامحالة، وَإِن كَانَت غَرِيبَة بغضته فِي أَهله وَقَومه، وجرته

1 / 180