أم القرى
الناشر
دار الرائد العربي
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م
مكان النشر
لبنان/ بيروت
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
وَمَا الْمَانِع على هَذَا الِاعْتِبَار للْمُسلمِ الْمُقَلّد أَن يتَعَلَّم كل مَسْأَلَة من الطَّهَارَة وَالْغسْل وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة من مُجْتَهد أَو فَقِيه تَابع لمجتهد، فَإِذا اغْتسل بِمَاء دون قُلَّتَيْنِ لحقته قَطْرَة خمر واعتبره طَاهِرا كَمَا علمه عَالم مالكي، غسلا بِدُونِ دلك كَمَا علمه عَالم حَنَفِيّ؛ وَبعد حدث مُوجب تَوَضَّأ وَمسح شَعرَات من الرَّأْس كَمَا علمه عَالم شَافِعِيّ، وَصلى بعد خُرُوج دم قَلِيل مِنْهُ كَمَا علمه عَالم حنبلي، صَلَاة الصُّبْح بعد طُلُوع الشَّمْس كَمَا علمه عَالم زيدي، وَوصل الْفَرْض بِصَلَاة أُخْرَى بِدُونِ خُرُوج من الأولى كَمَا علمه عَالم جعفري.
أَفلا يكون هَذَا الْمُقَلّد صلى صَلَاة تُجزئه عِنْد الله؟ بلَى ثمَّ بلَى، تجزئة بِالضَّرُورَةِ حَتَّى لَا يقوم دَلِيل على أَن ذَلِك خلاف الأولى، كَمَا يُقَال فِي حق الْخُرُوج من الخلافات لِأَنَّهُ لَا يعقل أَن يُكَلف هَذَا الْمُقَلّد بِأخذ دينه كُله من عَالم وَاحِد، لِأَن الصَّحَابَة ﵃ مَعَ اجتهادهم وتخالفهم فِي الْأَحْكَام كَانَ يُصَلِّي بَعضهم خلف بعض، مَعَ حكم الْمُؤْتَم مِنْهُم على حسب اجْتِهَاده بِعَدَمِ صِحَة صَلَاة إِمَامه، وإشتراطه صِحَة صَلَاة الْمَأْمُوم بِصِحَّة صَلَاة الإِمَام، وَهل يتَوَهَّم مُسلم أَن أَبَا حنيفَة كَانَ يمْتَنع أَن يأتم بِمَالك أَو يَأْبَى أَن يَأْكُل ذَبِيحَة جَعْفَر؟ كلا، بل كَانُوا أجل قدرا من أَن يخْطر لَهُم هَذَا التعصب على بَال،
1 / 152