131

أم القرى

الناشر

دار الرائد العربي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م

مكان النشر

لبنان/ بيروت

مَخْصُوصَة بَين النَّاس. وَصَارَ بعض المتفرغين يقصدون نيل هَذِه الْحُرْمَة بالتلبس بالتنسك وإلزام النَّفس بالتمرن عَلَيْهِ؛ وَحَيْثُ كَانَ من لَوَازِم استحصال تِلْكَ الْحُرْمَة إِظْهَار التقشف اتَّخذُوا الصُّوف دثارًا وإسم الْفقر شعارًا، فغلب عَلَيْهِم اسْم الصُّوفِيَّة وَاسم الْفُقَرَاء. ثمَّ أَن بعض الْعلمَاء من هَؤُلَاءِ المعتزين بالتنسك، أحبو التميز بالرياسة أَيْضا، فصاروا يدعونَ النَّاس إِلَى التنسك ويرشدونهم إِلَى طرائق النمرن عَلَيْهِ، وَمن هُنَا جَاءَ اسْم الْإِرْشَاد وَاسم الطَّرِيق. وَحَيْثُ كَانَت إِرَادَة الاعتزاز بِالدّينِ إِرَادَة حَسَنَة لِأَن فِيهَا إعزازًا لكلمة الله، فَلَا يُؤْخَذ شَيْء على المرشدين الْأَوَّلين، وَلَا على الْبَعْض النَّادِر من الْمُتَأَخِّرين وَلَو من أهل عهدنا هَذَا كالسادات السنوسية فِي صحراء إفريقيا. أما دُخُول الْفساد على التصوف وإضراره بِالدّينِ وبالمسلمين مِمَّا ذكره أخونا الشَّيْخ السندي وَغَيره من الإخوان الْكِرَام، فقد نَشأ من أَن بعض المرشدين من أهل الْقرن الرَّابِع، لما رَأَوْا توسع الْفُقَهَاء فِي الشَّرْع وتفنن الْمُتَكَلِّمين فِي العقائد، فهم كَذَلِك اقتبسوا من فلسفة فيثاغورس وتلامذته فِي الألهيات قَوَاعِد، وانتزعوا من لاهوتيات الكتابيين والوثنيين جملا، وألبسوها لباسا

1 / 133