تحفة المودود بأحكام المولود
محقق
عبد القادر الأرناؤوط
الناشر
مكتبة دار البيان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩١ - ١٩٧١
مكان النشر
دمشق
وَالله سُبْحَانَهُ يخبر عَن ارتهان العَبْد بِكَسْبِهِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿كل نفس بِمَا كسبت رهينة﴾ المدثر ٣٨ وَقَالَ تَعَالَى ﴿أُولَئِكَ الَّذين أبسلوا بِمَا كسبوا﴾ الْأَنْعَام ٧٠ فالمرتهن هُوَ الْمَحْبُوس إِمَّا بِفعل مِنْهُ أَو فعل من غَيره وَأما من لم يشفع لغيره فَلَا يُقَال لَهُ مُرْتَهن على الْإِطْلَاق بل الْمُرْتَهن هُوَ الْمَحْبُوس عَن أَمر كَانَ بصدد نيله وحصوله وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون بِسَبَب مِنْهُ بل يحصل ذَلِك تَارَة بِفِعْلِهِ وَتارَة بِفعل غَيره وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ النسيكة عَن الْوَلَد سَببا لفك رهانه من الشَّيْطَان الَّذِي يعلق بِهِ من حِين خُرُوجه إِلَى الدُّنْيَا وَطعن فِي خاصرته فَكَانَت الْعَقِيقَة فدَاء وتخليصا لَهُ من حبس الشَّيْطَان لَهُ وسجنه فِي أسره وَمنعه لَهُ من سَعْيه فِي مصَالح آخرته الَّتِي إِلَيْهَا معاده فَكَأَنَّهُ مَحْبُوس لذبح الشَّيْطَان لَهُ بالسكين الَّتِي أعدهَا لأتباعه وأوليائه وَأقسم لرَبه أَنه ليستأصلن ذُرِّيَّة آدم إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فَهُوَ بالمرصاد للمولود من حِين يخرج إِلَى الدُّنْيَا فحين يخرج يبتدره عدوه ويضمه إِلَيْهِ ويحرص على أَن يَجعله فِي قَبضته وَتَحْت أسره وَمن جملَة أوليائه وَحزبه فَهُوَ أحرص شَيْء على هَذَا
وَأكْثر المولودين من أقطاعه وجنده كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ الْإِسْرَاء ٦٤ وَقَالَ ﴿وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه﴾
1 / 74