.. وقال صاحب مناهج الفكر (¬1): ومن المباني التي يبلي الزمان، ولا تبلى، وتدرس معالمه وأخباره، وأخبارها ومعالمها لا تدرس ولا تبلى، الأهرام التي بأعمال مصر، وهي أهرام كثيرة، يقال إن بانيها سوريد بن سلهوق بن سرياق (¬2) قبل الطوفان؛ لرؤيا رآها؛ فقصها على الكهنة، فنظروا فيما تدل عليه الكواكب النيرة من أحداث تحدث في العالم، وأقاموا مراكزها في وقت المسيلة، فدلت على أنها نازلة من السماء / تحيط بوجه الأرض، فأمر حينئذ ببناء 4 أالبرابي (¬3) والأهرام العظام، وصور فيها صور الكواكب ودرجها، وما لها من الأعمال، وأسرار الطبائع، والنواميس، وعمل الصنعة.
ويقال أن هرمس المثلث [الموصوف] (¬1) بالحكمة هو الذي يسميه العبرانيون أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام، استدل من أحوال الكواكب على كون الطوفان، فأمر ببناء الأهرام، وإيداعها الأموال، وصحائف العلوم، وما يخاف عليه من الذهاب والدثور.
... وكل هرم منها مربع القاعدة، مخروط الشكل، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع، وسبعة عشر ذراعا، يحيط به أربعة سطوح (¬2) متساويات الأضلاع، كل ضلع منها أربعمائة ذراع، وستون ذراعا، ويرتفع إلى أن يكون سطحه مقدار ستة أذرع في مثلها، ويقال أنه كان عليه حجر شبه المكبة، فرمته الرياح العواصف، وهو مع هذا العظم من إحكام الصنعة، وإتقان الهندسة، وحسن التقدير، بحيث [أنه لم يتأثر] (¬3) إلى الآن بعصف الرياح، وهطل السحاب، وزعزعة الزلازل، وهذا البناء ليس من حجارته ملاط إلا ما يتخيل أنه ثوب أبيض فرش بين حجرين، أو ورقة، ولا يتخلل بينهما الشعرة، وطول الحجر منها خمسة أذرع في سمك ذراعين.
ويقال إن بانيها جعل لها أبوابا على أدراج مبنية بالحجارة في الأرض، طول كل حجر منها عشرون ذراعا، وكل باب من حجر واحد، يدور بلولب، إذا أطبق لم يعلم أنه باب، يدخل من كل باب منها إلى سبعة بيوت، كل بيت منها على اسم كوكب من الكواكب السبعة، وكلها مقفلة بأقفال كاهنية، وحذاء كل بيت صنم من ذهب / مجوف، إحدى يديه على فيه، في جبهته 4 ب كتابة بالمسند إذا قرئت انفتح فوه، فيؤخذ منه مفتاح ذلك القفل، فيفتح به.
صفحة ٧