التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

الشيخ الطوسي ت. 460 هجري
83

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

تصانيف

التفسير

تفسير التبيان ج1

قلنا: من قال: بان الآية مخصوصة بمن كفر بعد إيمانه فقد تخلص من هذا السؤال غيرأن هذا لايصح عندنا من أن من آمن بالله لايجوز أن يكفر وان حملنا على اظهار الايمان لم يكن في الآية توبيخ ولا ذم والآية تتضمن التوبيخ على ماهم عليه لانها اشارة إلى ما تقدم وتلك صفات المنافقين والجواب عن ذلك ان نقول: إن من ارتكب الضلالة وترك الهدى جاز ان يقال ذلك فيه ويكون معناه: كان الهدى الذي تركه هو الثمن الذي جعله عوضا عن الضلالة التي أخذها فيكون المشتري أخذ المشترى مكان الثمن المشترى به كما قال الشاعر:

أخذت بالجمة رأسا أزعرا

وبالثنايا الواضحات الدردرا

وبالطويل العمر عمرا جيدرا

كما اشترى المسلم اذ تنصرا(1)

ومنهم من قال: استحبوا الضلالة على الهدى انما قال ذلك لقوله تعالى (واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)(2) حمل هذه الآية عليه ومن حملها على انهم اختاروا الضلالة على الهدى فان ذلك مستعمل في اللغة يقولون اشتريت كذا على كذا واشتريته يعنون اخترته.

قال اعشى بني ثعلبة:

فقد اخرج الكاعب المسترا(3)

ة من خدرها واشيع القمارا

يعني: المختارة.

قال ذو الرمة في معنى الاختيار:

يذب القصايا عن شراة كأنها

جماهير تحت المدجنات الهواضب(4)

وقال آخر:

---

(1) زعر الشعر فهو زعر وازعر: قل وتفرق الدردر: مغارز اسنان الصبي أو هي قبل نباتها وبعد سقوطها الجيدر: القصير والمراد قصير العمر.

(2) سورة حم السجدة: آية 17.

(3) في الطبعة الايرانية " المشتراة " وكذلك في مخطوطة تفسير الطبري اما في ديوانه 35 وطبقات فحول الشعراء 36 واللسان " سرا " فكما ذكرنا.

(4) ديوانه يذب: يدفع ويطرد والقصايا: وهي من الابل ورذالتها ضعفت فتخلفت وجماهير ج جمهور: وهو رملة مشرفة على ما حولها والهواضب: التي دام مطرها والمدجنات من سحابة داجنة: أي كثيفة

صفحة ٨٢