والمهم من كل ما حكيته في هذا الفصل ، هو أن شعوري بدأ يكبر وركبني بعض الغرور وظننت فعلا بأنني أصحبت عالما ، كيف لا وقد شهد لي بذلك علماء الازهر الشريف ومنهم من قال لي : يجب أن يكون مكانك هنا في الازهر ، ومما زادني فخرا واعتزازا بالنفس ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله أذن لي في الدخول لرؤية
( 25 )
مخلفاته ، حسب ما ادعاه المسؤول عن مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة وقد أدخلني منفردا إلى حجرة لا تفتح إلا إذا فتحها هو ، وأغلق الباب خلفي وفتح الخزانة وأخرج لي قميص رسول الله صلى الله عليه وآله فقبلته وأراني بعض المخلفات الاخرى ، وخرجت من عنده باكيا متأثرا على عناية الرسول بي شخصيا وخصوصا أن هذا المسؤول لم يطلب مني نقودا ، بل امتنع وأخذ مني شيئا بسيطا بعد إلحاحي وهناني مبشرا بأنني من المقبولين عند حضرة الرسول الاكرم .
وربما أثر هذا الحادث في نفسي وجعلني أفكر مليا عدة ليال في ما يقوله الوهابيون من أن الرسول مات وانتهى أمره كغيره من الاموات ، فلم أرتح لهذه الفكرة بل وتيقنت تفاهة هذا الاعتقاد ، فإذا كان الشهيد الذي يقتل في سبيل الله ليس بميت بل هو حي يرزق عند ربه فكيف بسيد الاولين والآخرين ، وزاد هذا الشعور قوة ووضوحا ما تلقيته في سابق حياتي من تعاليم الصوفية الذين يعطون لاوليائهم وشيوخهم صلاحية التصرف والتأثير في مجريات الامور ويعترفون بأن الله وحده هو الذي أعطاهم هذه الصلاحية لانهم أطاعوه سبحانه ورغبوا في ما عنده ، ألم يقل في حديث قدسي « عبدي أطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون » .
صفحة ١٩