(مُقَدّمَة) بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم تَسْلِيمًا قَالَ أَبُو حَاتِم مُحَمَّد بْن حبَان بن أَحْمد التَّمِيمِي الْحَمد لله الَّذِي لَيْسَ لَهُ حد مَحْدُود فيتوى وَلَا لَهُ أجل مَعْدُود فيفنى وَلَا يُحِيط بِهِ جَوَامِع الْمَكَان وَلَا يشْتَمل عَلَيْهِ تَوَاتر الزَّمَان وَلَا يدْرك نعْمَته بالشواهد والحواس وَلَا يُقَاس صِفَات ذَاته بِالنَّاسِ تعاظم قدره عَن مبالغ نعت الواصفين وَجل وَصفه عَن إِدْرَاك غَايَة

1 / 1

الناطقين وكل دون وصف صِفَاته تحبير اللُّغَات وضل عَن بُلُوغ قَصده تصريف الصِّفَات وَجَاز فِي ملكوته غامضات أَنْوَاع التَّدْبِير وَانْقطع عَن دون بُلُوغه عميقات جَوَامِع التفكير وانعقدت دون اسْتِبْقَاء حَمده ألسن الْمُجْتَهدين وانقطعت إِلَيْهِ جَوَامِع أفكار آمال المنكرين غذ لَا شريك لَهُ فِي الْملك وَلَا نَظِير وَلَا مشير لَهُ فِي الحكم وَلَا وَزِير وَأشْهد أَن لَا غله إِلَّا الله أحصى كل شَيْء عدادًا وَضرب لكل امْرِئ ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة وَيحيى من حييّ عَن بَيِّنَة واشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده الْمُجْتَبى وَرَسُوله المرتضى بَعثه بِالنورِ الساطع والضياء اللامع فَبلغ عَن الله ﷿ الرسَالَة وأوضح فَمَا دَعَا إِلَيْهِ الدّلَالَة فَكَانَ فِي اتِّبَاع سنته لُزُوم الْهدى وَفِي قبُول مَا أَتَى بِهِ وجود السنا فصلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الطيبين أما بعد فَإِن الله اخْتَار مُحَمَّدًا ﷺ من عباده واستخلصه لنَفسِهِ من بِلَاده فَبِعْته غلى خلقه بِالْحَقِّ بشيرا وَمن النَّار لمن زاغ عَن سَبيله نذيرا ليدعو الْخلق من عباده إِلَى عِبَادَته

1 / 2

وَمن اتِّبَاع السَّبِيل إِلَى لُزُوم طَاعَته ثمَّ لم يَجْعَل الْفَزع عِنْد وُقُوع حَادِثَة وَلَا الْهَرَب عِنْد وجود كل نازلة إِلَّا على الَّذِي أنزل عَلَيْهِ التَّنْزِيل وتفضل على عباده بولايته التَّأْوِيل فسنته الفاصلة بَين المتنازعين وآثاره القاطعة بَين الْخَصْمَيْنِ فَلَمَّا رَأَيْت معرفَة السّنَن منأعظم أَرْكَان الدَّين وَأَن حفظهَا يجب على أَكثر الْمُسلمين وَأَنه لَا سَبِيل إِلَى معرفَة السقيم من الصَّحِيح وَلَا صِحَة إِخْرَاج الدَّلِيل من الصَّرِيح إِلَّا بِمَعْرِفَة ضعفاء الْمُحدثين كَيْفيَّة مَا كَانُوا عَلَيْهِ من الْحَالَات أردْت أَن أملي أسامي أَكثر الْمُحدثين وَمن الْفُقَهَاء من أهل الْفضل وَالصَّالِحِينَ وَمن سلك سَبيله من الماضين بِحَذْف الْأَسَانِيد والإكثار وَلزِمَ سلوك الِاخْتِصَار ليسهل على الْفُقَهَاء حفظهَا وَلَا يصعب على الْحَافِظ وعيها وَالله أسأَل التَّوْفِيق لما أوصانا والعون على مَا لَهُ قصدنا واساله أَن يَبْنِي دَار المقامة

1 / 3

من نعْمَته ومنتهى الْغَايَة من كرامته فِي أَعلَى دَرَجَة الْأَبْرَار المنتخبين الأخيار إِنَّه جواد كريم رؤف رَحِيم ذِكْرُ الْحَثِّ على لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى ﷺ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا بن يَزِيدَ ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ وَحَجَرُ بْنُ حَجَرٍ الْكَلاعِيُّ قَالا أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أحملكم عَلَيْهِ فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ ومقتبسين فقا الْعِرْبَاضُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ ذَات يَوْم ثمَّ اقب لعلينا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِه موعظة مُودع فَمَاذَا تعهد غلينا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِيشُ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ قَالَ الْوَلِيدُ فَذَكَرْتُ

1 / 4

هَذَا الْحَدِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ فَقَالَ نَعَمْ حدثني بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو حَاتِم إِن اللَّه جلّ وَعلا اصْطفى محمدا ﷺ من بَين خلقه وَبَعثه بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا واقترض على خلقه طَاعَته ومذكوره وَحدثنَا فَقَالَ يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول وَقَالَ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمرا الْآيَة فَأمر اللَّه بِطَاعَة رَسُوله مَعَ طَاعَته وَعند التَّنَازُع بِالرُّجُوعِ إِلَى سنته إِذْ هُوَ المفزع الَّذِي لَا مُنَازعَة لأحد من الْخلق فِيهِ

1 / 5