التوريث الدعوي
الناشر
دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
الأخرى بعد إرشادها إلى الإسلام وإهدائه إياهم، وذلك أن الفاتحين الأوائل ﵃ وقفوا على علوم أمم متحضرة ماديًا إلى درجة كبيرة، فمن ذلك الحضارة المادية المصرية والآشورية والكلدانية، والفينيقية والرومانية وغير ذلك من الحضارات، فقاموا بنقل كل ذلك تقريبًا إلى اللغة العربية فأحسنوا (١)، ولم يكتفوا بنقله وتوريثه إلى الحضارة الأوروبية إبان عصر النهضة في الغرب كما يدعي بعض المستشرقين والمستغربين أن المسلمين كانوا جسرًا فقط لنقل حضارة الأولين إلى الغرب، بل أضافوا إليه وهذبوه ووضعوا القواعد العلمية للاستفادة مما نقلوه، فبزغت لهم شمس حضارة سطع على الدنيا شعاعها زمانًا طويلًا، وكانت على الحقيقة السبب الرئيس لنهضة الغرب التي قامت على أنقاض الحضارة الإسلامية الرائعة التي فرط فيها أهلها تفريطًا بيِّنًا، فالمسلمون لم يورِّثوا الأمم الأخرى عقيدتهم الصافية فقط بل ورَّثوهم معها أسباب الحضارة ومفاتيح العلوم، لكن كثيرًا من الأمم - لضلالها وبعدها عن أسباب الهداية - اكتفت بأخذ العلوم وقطف ثمارها، وضلّت عن أسباب الهداية والرشاد عصبية وحمية جاهلية، والعياذ بالله.
_________
(١) إلا فيما نقلوه من الخرافات العقدية والمعضلات الكلامية الذي أضرَّ بهم ضررًا بالغًا، وفتح عليهم باب شر لم يغلق تمامًا إلى الآن.
1 / 36