مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآخرة، واستغرقوا أعمارهم في الشهوات النفسانية " (١) .
وقد وردت مادة (ترف) في القرآن الكريم ثماني مرات، وكلها جاءت في سياق الذم للترف والمترفين، كقوله تعالى معللا تعذيب أصحاب الشمال ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾ [الواقعة: ٤٥] (٢) . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي (ت ١٣٧٦ هـ) في تفسير الآية: " أي قد ألهتهم دنياهم وعملوا لها وتنعموا، وتمتعوا بها، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل، فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه " (٣) .
ومن يتأمل في واقع الترف وأهله يلحظ أنه يجيء تاليًا ونتيجة للسرف والتبذير، وكفى بهما ضررًا وشرًا.
[الاقتصاد]
(٤) أما الاقتصاد: فمصدر اقتصد.
قال في تاج العروس: " القصد في الشيء: ضد الإفراط وهو ما بين الإسراف والتقتير، والقصد في المعيشة: ألا يسرف ولا يقتر، وقصد في الأمر: لم يتجاوز فيه الحد ورضي بالتوسط "؛ لأنه في ذلك يقصد الأسدّ كالاقتصاد، يقال: فلان مقتصد في المعيشة وفي النفقة وقد اقتصد، واقتصد في أمره: استقام. . . واقتصد في النفقة: توسط بين التقتير والإسراف، قال ﷺ: «ولا عال من اقتصد» (٤) ومن الاقتصاد ما هو محمود مطلقا، وذلك فيما له طرفان: إفراط وتفريط، كالجود فإنه بين الإسراف والبخل، وكالشجاعة فإنها بين التهور والجبن، وإليه الإشارة بقوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] (٥) .
_________
(١) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني ٢ / ٥٣٤، الطبعة الثالثة.
(٢) الواقعة: ٤٥.
(٣) تيسير الكريم الرحمن ص ٧٧٤، مؤسسة الرسالة ١٤١٧هـ.
(٤) سبق تخريجه في التمهيد: ص ٨.
(٥) الفرقان: ٦٧.
1 / 21