141

القضايا الكبرى

الناشر

دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

رقم الإصدار

١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١

مكان النشر

سورية

تصانيف

ومن بين هذه المقدمات التي يمكن ذكرها، قوله ﷿: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ ...﴾ [البلد: ٩٠/ ١٠ - ١٣]. فهذا التقريع للإنسان الحرّ كأنما يهدف إلى وضع قضية الرقيق في ضميره، كي تأخذ هكذا طريقها إلى الحلّ، أي طريق التحرير التدريجي. وهذا التوجيه العام يظهر في آيات أخرى، كالآية التي تحدد موضوع الصدقات حيث يقول ﷿: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ...﴾ [التوبة: ٩/ ٦٠]. كما يظهر أيضًا في الأحاديث مثل قوله ﷺ: «من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا من أعضائه من النّار». وفي قوله ﵊: «من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه». وفي حديث آخر حيث يوصي ﷺ بشأن الرقيق: «إنهم إخوانم وضعهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون». وفي حديث يقول فيه رسول الله ﷺ: «أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق، حتى ظننت أن الناس لا تستعبد ولا تستخدم». فهذه النصوص كلها تكمل، من نواح مختلفة، التقويم الأساسي للإنسان، التقويم الذي يقوم عليه- كما قدمنا- المشروع الديمقراطي، تكميلًا يجعل هذا المشروع يضم في خطوطه العامة مصير الرقيق إلى مصير الإنسان الحر، وبحيث يضيف الرقيق إلى عالم الآخرين، أي عالم الأشخاص بعد أن كان من عالم الأشياء، وذلك لأول مرة في التاريخ.

1 / 151