القائد إلى تصحيح العقائد
محقق
محمد ناصر الدين الألباني.
الناشر
المكتب الإسلامي.
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.
تصانيف
من هذه المعاني فليس بين الآية وبين شيء من المعاني الظاهرة لتلك النصوص منافاة ما.
فأما المماثلة في بعض الصفات دون بعض فقد علمت إن المتكلمين يثبتونها في الجملة، ولذلك ذكر الفخر الرازي أنه لا يصلح حمل الآية ما ينفي ذلك، وأجاب الآلوسي بقوله:
«من المعلوم البين أن علم العباد وقدرتهم ليسا مثل علم الله ﷿ وقدرته جل وعلا - أي ليس سادين مسدهما» .
أقول: قد تؤخذ المماثلة في مطلق العالمية والقادرية ونحوذلك. فإن قيل ذاك أمر لا يلتفت إليه، إذ ليس الواقع إلا قدرة ذاتية تامة لله ﷿، وقدرة مستفادة ناقصة للعبد - وهكذا.
قلت: فهذا المعنى أيضًا غير مناف لشيء من تلك الظواهر.
تحقيق معنى الآية
من تتبع موارد استعمال نفي المثل في الكتاب والسنة وكلام البلغاء علم أنه إنما يراد به نفي المكافئ فيما يراد إثباته من فضل أو غيره، فمن ذلك قول الشاعر:
ليس كمثل الفتى زهير ... خلق يدانيه في الفضائل
وقول الآخر:
سعد بن زيد إذا أبصرت جمعهم ... ما إن كمثلهم في الناس من أحد
وقال الله ﷿: «قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا» . الاسراء: ٨٨.
وقال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ
1 / 115