174

أمير فلسطين قد خرجا عن الطاعة وبايعا الناس لابن الزبير وهذه المضرية بسيوفها تطالبنا بقتلى المرج فلما سمع وزراؤه مقالته ذهلت عقولهم فقال لهم عبد الملك مالكم لا تنطقون هذا وقت الحاجة إليكم فقال أفضلهم وددت أن أكون طيرا على عود من أعواد تهامة حتى تنقضي هذه الفتن فلما سمع عبد الملك مقالة صاحبه قام أمرهم بلزوم موضعهم وركب منفردا وأمر جماعة من شجعانه أن يتبعوه متباعدين ففعلوا وسار عبد الملك حتى انتهى إلى شيخ ضعيف البدن سيىء الحال وهو يجمع سماقا فسلم عليه عبد الملك وآنسه بحديثه ثم قال له أيها الشيخ ألك علم بنزول هذا العسكر فقال الشيخ وما سؤالك عنه فقال عبد الملك أني أردت الانتظام في سلكه فقال له أني أرى عليك سمة الرياسة فينبغي لك أن تصرف نفسك عن هذا الرأي فإن الأمير الذي أنت قاصده قد انحلت عرا ملكه والسلطان في اضطراب أموره كالبحر إذا هاج فقال عبد الملك أيها الشيخ قد قوي علي جذب نفسي إلى صحبة هذا الأمير فهل لك أن ترشدني إلى رأي أتفق به عنده فلعله يكون سبب قربي منه فقال الشيخ أن هذه النازلة التي نزلت بهذا الأمير من النوازل التي لا تنفذ فيها العقول وإني لأكره أن أرد مسألتك بالخيبة فقال له عبد الله قبل جزاك الله خيرا فقال الشيخ إن هذا الخليفة خرج إلى قتال عدوه والإرادة غير قابلة لمراده والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يرد من قصده من محاربة ابن الزبير ووثوب

صفحة ١٧٦