400

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الاسلامي،بيروت

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

Creeds and Sects
يكونوا إلا إِلاَّ ﴿بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾ بالغيها، وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا أبدًا بدونها واصليها، وتبوئهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولا هي داخليها.
تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، وقد قضى الله تعالى يوم قدر مقادير الخلائق، بمشيئته وحكمته البالغة، أن المرء مع من أحب، فيا لها من نعمة على المحبين سابغة. تالله لقد سبق القوم السعاة، وهم على ظهور الفرش نائمون، ولقد تقدموا الركب بمراحل وهم في مسيرهم واقفون، وأجابوا مؤذن الشوق، إذ نادى بهم: حي على الفلاح، وبذلوا نفوسهم في طلب الوصول إلى محبوبهم، وكان بذلهم بالرضى والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، تالله لقد حمدوا عند الوصول مسراهم، وشكروا مولاهم على ما أعطاهم، وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح. وأطال في وصفها فراجعه في "المدارج".
واعلم أن المحبة قسمان، مشتركة وخاصة:
فالمشتركة: ثلاثة أنواع،
أحدها: محبة طبيعية، كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، ونحو ذلك. وهذه لا تستلزم التعظيم.
الثاني: محبة رحمة وإشفاق، كمحبة الوالد لولده الطفل، وهذه أيضًا لا تستلزم التعظيم.
الثالث: محبة أنس وألف، وهي محبة المشتركين في صناعة، أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضًا، وكمحبة الإخوة، بعضهم بعضًا. فهذه الأنواع الثلاثة، التي تصلح للخلق، بعضهم من بعض ووجودها فيهم لا يكون شركا في محبة الله، ولهذا كان رسول الله ﷺ يحب الحلواء والعسل، وكان يحب نساءه، وعائشة أحبهن إليه، وكان يحب أصحابه، وأحبهم إليه الصِّدِّيق ﵁.

1 / 402