تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
عيدًا، وصلُّوا عليّ حيثما كنتم" ١. وكيف لم يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك ما فهمه هؤلاء الضلال الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟! وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين ﵄، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره ﷺ واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي ﵄، وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال، وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته، كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا. انتهى.
قلت: وكيف يريد النبي ﷺ هذا المعنى ويعبر عنه بهذا الكلام، مع أنه أفصح الخلق وأنصحهم، وكان يمكنه أن يقول: أكثروا زيارة قبري، أو اجعلوه عيدًا تعتادون المجيء إليه والعبادة عنده؟! فظهر بطلان هذا القول.
إذا تبين ذلك، فمعنى الحديث نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص، واجتماع معهود كالعيد الذي يكون على وجه مخصوص، في زمان مخصوص. وذلك يدل على المنع في جميع القبور وغيرها، لأن قبر رسول الله ﷺ أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان. قال المصنف: وفيه النهي عن الإكثار من الزيارة.
قوله: "وصلُّوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" ٢. قال شيخ الإسلام: يشير بذلك إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا. انتهى.
وقد روى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما من أحد يسلِّم عَلَيَّ إلا رد الله عَلَيَّ روحي حتى أرد ﵇" ٣؟ وعن أوس بن أوس مرفوعًا: "أكثروا من الصلاة علي يوم
١ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢)، وأحمد (٢/٣٦٧) . ٢ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢)، وأحمد (٢/٣٦٧) . ٣ أبو داود: المناسك (٢٠٤١)، وأحمد (٢/٥٢٧) .
1 / 297