تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
بالمسند لإسناد عمر بن محمد له بلفظ "الموطأ" سواء، وهو ممن تقبل زيادته. وله شاهد عند الإمام أحمد والعقيلي من طريق سفيان عن حمزة ابن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ١.
قوله: (روى مالك في "الموطأ")، هو الإمام مالك بن أنس بن مالك ابن أبي عامر بن عمر الأصبحي أبو عبد الله المدني الفقيه، إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة، وأحد المتقنين في الحديث، حتى قال البخاري: أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر. مات سنة تسع وسبعين ومائة. وكان مولده سنة ثلاث وتسعين. وقال الواقدي: بلغ تسعين سنة.
قوله: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد) . قد استجاب الله دعاء رسوله ﷺ فمنع الناس من الوصول إلى قبره لئلا يعبد استجابة لدعاء رسوله ﷺ. كما قال ابن القيم:
فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة من الجدران
ودل الحديث على أن قبر الرسول ﷺ لو عبد لكان وثنًا، فما ظنك بقبر غيره من القبور التي عبدت هي وأربابها من دون الله، وإذا أريد تغيير شيء من ذلك أنف عبادها، واشمأزت قلوبهم، واستكبرت نفوسهم، وقالوا: تنقص أهل الرتب العالية، ورموهم بالعظائم، فماذا يقولون لو قيل لهم: إنها أوثان تعبد من دون الله؟! فالله المستعان على غربة الإسلام، وهذه هي الفتنة العظمى التي قال فيها عبد الله بن مسعود: "كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، وينشأ فيها الصغير، تجري على الناس يتخذونها سنة، إذا غيرت". قيل: غيرت السنة.
ويؤخذ من الحديث المنع من تتبع آثار الأنبياء والصالحين
١ أحمد (٢/٢٤٦) .
1 / 285