التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

الإمام أحمد بن عمر ت. 618 هجري
79

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

تصانيف

كلما نضجت جلودهم بدلنهم جلودا غيرها

[النساء: 56]، فمن أتقن لب الوجود، وما بينا منه لب الوجود من المال والجاه في سبيل نار الصلاة والقربة إلى الله تعالى ينفق الله عليه، وجود نار الصلاة كما قال تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم:

" أنفق أنفق عليك "

فبقي بنار الصلاة بلا أنانية الموجود فتكون صلاته دائمة بفوز نار الصلاة يؤمن بما أنزل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

{ والذين يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } [البقرة: 4] أي: لما كشف عن المؤمنين حجب أنانية الوجود ونظروا بنور نار الصلاة أبصروا ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي صورة، وما ابتلي حقيقة، وهو (أوحى إلى عبد ما أوحى)؛ فعرفوا حقيقته فآمنوا به وبما أنزل على الأنبياء قبله كما قاله تعالى في حق قوم:

سمعوا مآ أنزل إلى الرسول

[المائدة: 83]، فبنور العناية عرفوا الحقيقة فآمنوا به

وإذا سمعوا مآ أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق

[المائدة: 83]، ومن تخلص عن ذل الحجب يجد عزة الإيقان بالأمور الأخروية، وكان مؤمنا بها من وراء حجاب صار موقنا بها بعد رفع الحجاب؛ كما قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه: " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا "؛ لأنه قد كشف عنه الغطاء الوجودي فلا يحجب غطاء المحسوسات الدنيوية عن أمور الأخروية، فبكشف الحجب يتخلصون عن مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإيقان، كما قال تعالى: { وبالآخرة هم يوقنون } [البقرة: 4]، ولكن هذا خاص أن يوقنوا بالآخرة دون ما أنزل على الأنبياء من الكتب، فإنهم لا يتخلصون عن مرتبة الإيمان بالله، وكتبه أبدا، وهذا سر عظيم، وما رأيت أحدا فرق بين هاتين المرتبتين؛ وذلك لأنه يمكن للإنسان أن يشاهد الأمور الأخروية كلها إما بطريق الكشف في الدنيا، وإما بطريق المشاهدة في الدنيا، وإما بطريق المشاهدة في العقبى؛ فيصير موقنا بها بعد ما كان مؤمنا كما قال تعالى:

فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد

صفحة غير معروفة