281

كتاب التوحيد

محقق

عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان

الناشر

مكتبة الرشد-السعودية

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

مكان النشر

الرياض

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، أَيْضًا، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ لَسَأَلْتُهُ. قَالَ: وَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «نُورًا أَنَّى أَرَاهُ كَذَا قَالَ لَنَا بُنْدَارٌ» أَنَّى ⦗٥١٤⦘ أَرَاهُ "، لَا كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ: «أَنَّى أَرَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: أَنَّى، يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا النَّفْيُ، وَالْآخَرُ الْإِثْبَاتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] فَمَعْنَى أَنَّى: أَيْ: شِئْتُمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّى أَراهُ» فَمَعْنَى أّنَّى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ، وَأَيْنَ شِئْتُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّى أَرَاهُ أَيْ: أَيْنَ أَرَاهُ، أَوْ كَيْفَ أَرَاهُ، فَهُوَ نُورٌ، كَمَا رَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، خَبَرُ أَبِي ذَرٍّ: «رَأَيْتُ نُورًا» فَعَلَى هَذَا اللَّفْظِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَنَّى أَرَاهُ» أَيْ: أَيْنَ أَرَاهُ؟ أَوْ كَيْفَ أَرَاهُ، فَإِنَّمَا أَرَى نُورًا، وَالْعَرَبُ قَدْ تَقُولُ أَنَّى عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ، كَقَوْلِهِ ﷿ قَالُوا ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا﴾ [البقرة: ٢٤٧] الْآيَةَ ⦗٥١٥⦘ يُرِيدُونَ: كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيِّ أَنَّى أَرَاهُ، أَوْ أَنَّى أَرَاهُ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ، فَمَعْنَى الْخَبَرِ: أَنَّهُ نَفْيُ رُؤْيَةِ الرَّبِّ؛ لِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ بِقَلْبِهِ

2 / 513