139

كتاب التوحيد

محقق

عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان

الناشر

مكتبة الرشد-السعودية

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

مكان النشر

الرياض

وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]، وَمُحَالٌ أَنْ يَهْبِطَ الْإِنْسَانُ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ أَخْفَضَ مِنْهُ وَأَسْفَلَ فَيُقَالُ: رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، لِأَنَّ الرِّفْعَةَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ - الَّذِينَ بِلُغَتِهِمْ خُوطِبْنَا - لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى وَفَوْقَ أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقِنَا جَلَّ وَعَلَا يَصِفُ نَفْسَهُ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٨]، أَوَ لَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا، إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ جَمِيعِ عِبَادِهِ، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْمَلَائِكَةِ، الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ السَّمَاوَاتِ جَمِيعًا؟ أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ، وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٥٠] فَأَعْلَمَنَا الْجَلِيلُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا أَنَّ رَبَّنَا فَوْقَ مَلَائِكَتِهِ، وَفَوْقَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ، مِنْ دَابَّةٍ، أَعْلَمَنَا أَنَّ مَلَائِكَتَهُ يَخَافُونَ رَبَّهُمُ الَّذِي فَوْقَهُمْ وَالْمُعَطِّلَةُ تَزْعُمُ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ تَحْتَ الْمَلَائِكَةِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقنَا: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، أَلَيْسَ مَعْلُومًا فِي اللُّغَةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ الْعَرَبِ

1 / 256