فتوهم نفسك بسرور قلبك وفرحه، وقد رمقتهن ببصرك، ووقع ناظرك على حسن وجوههن وغنج أعينهن، فلما قابلت وجوههن حار طرفك، وهاج قلبك بالسرور، فبقيت كالمبهوت الذاهل من عظيم ما هاج في قلبك من سرور ما رأت عيناك، وسكنت إليه نفسك.
فبينما أنت ترفل إليهن إذ دنوت من أبواب الخيام، فأسرعن مبادرات قد استخفهن العشق، مسرعات يتثنين من نعيم الأبدان ويتهادين من كمال الأجسام، ثم نادتك كل واحدة منهن: يا حبيبي ما أبطاك علينا؟ فأجبتها بأن قلت: يا حبيبة ما زال الله ﷿ يوقفني على ذنب كذا وكذا حتى خشيت أن لا أصل إليكن، فمشين نحوك في السندس والحرير، يثرن المسك ويحركن نبت الزعفران بأذيال حللهن وخلاخيلهن استعجالًا إليك وشوقًا وعشقًا لك، فأول من [تقدمت منهن] (١) إليك مدت إليك بنانها ومعصمها وخاتمها، كما قال النبي ﵇ (٢) .
فتوهم حسن بنان أنشئ من الزعفران والكافور، ونُعِمَ في الجنان الألف من الدهور، فتوهمه حين مدته إليك يتلألأ نورًا ويضئ إشراقًا، فلما وضعت بنانها في بنانك، وجدتَ مجسة
_________
(١) كذا صوب (أ)، وكانت في الأصل عنده [تقدمتهن] .
(٢) لم أقف عليه، وانظر ما سيأتي من حديث أنس في ص٦٨.
1 / 54