نعمتان جليلتان قل من يعرف قدرهما، ويذكر شكرهما١، وإنما
_________
١ قد صح عن النبي ﷺ من حديثا عائشة – ﵂ قالت: كان رسول الله ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك" رواه أحمد في المسند ٦/١٥٥، وأبو داود (.١/٣٠، رقم (٣٠)، والترمذي ١/٧، رقم (٧)، وقال: حسن غريب، والنسائي ٦/ ٢٤، رقم (٩٩٠٧)، وابن ماجة ١/١١٠، رقم (٣٥٥)، وابن خزيمة، ١/٤٨، رقم (٩٠)، وابن حبان ٤/٢٩١، رقم (٤٤٤ ١)، والبغوي في شرح السنة ١/٣٧٩، رقم (١٨٨)، والحاكم ١/١٥٨، وصححه، وأقره الذهبي، وصححه النووي في المجموع ٢/٧٥.
قال الإمام الخطابي ﵀ في معالم السنن ٢/٢٢: قيل في تأويل قوله ﷺ: "غفرانك" بعد خروجه من الخلاء، قولان: أحدهما: أنه قد استغفر من تركه ذكر الله تعالى مدة لبثه على الخلاء، وكان- ﷺ لا يهجر ذكر الله تعالى - إلا عند الحاجة، فكأنه رأى هجران الذكر في تلك الحالة تقصيرا، وعده على نفسه ذنبا فتداركه بالاستغفار.
الثاني: معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله - تعالى- بها عليه، فأطعمه، ثم هضمه، ثم سهل خروج الأذى منه، فرأى شكره قاصا على بلوغ حق هذه النعم ففزع إلى الاستغفار منه والله أعلم.
وورد من طريق أنس وأبى ذر ﵄، أن النبي ﷺ كان إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" روى حديث أنس بن ماجه في كتب الطهارة ١/١١٠، رقم (٣٠١)، وروى حديث أبي ذر ابن السني ص ١٤، رقم (٢٢) .
قال العلامة الشوكانى- ﵀ في نيل الأوطار ١/٧٣: وفي حمده ﷺ إشعار بأن هذه نعمة جليلة، ومنة جزيلة، فإن إنحباس ذلك الخارج من أسباب الهلاك، فخروجه من النعم التي لا تتم الصحة بدونها، وحق على كل من أكل ما يشتهيه من طيبات الأطعمة، فسدا به جوعته، وحفظ به صحته وقوته، ثم لما قضى منه وطره، ولم لحق فيه نفع، واستحال إلى تلك الصفة الخبيثة المنتنة، خرج بسهولة، من مخرج معد لذلك أن يستكثر من محامد الله ﷻ، اللهم أوزعنا شكر نعمتك.
1 / 43