فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾ في اللوح المحفوظ فإنه أصل لكل الكتب السماوية ﴿لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ .
وقال النسفي: أم الكتاب أصل كل كتاب وهو اللوح المحفوظ لأن كل كائن مكتوب
فيه. انتهى.
والمراد بذكرنا كلام المفسرين -رحمهم الله تعالى- وبيان إجماعهم على أن اللوح المحفوظ هو أم الكتاب وهو نص حديث عمران بن حصين الآتي قال: " وكتب في اللوح المحفوظ كل شيء " ١ تبين كذب هذا وجراءته في جزمه بأن أم الكتاب غير اللوح المحفوظ مع أن هذا لا ينفعه لو سلم له لأن الكل جرى به القلم فيدخل في قول الناظم: ومن علومك علم اللوح والقلم.
وقوله: إن الإضافة في قوله علم اللوح والقلم جنسية أي بعض علم ما في اللوح والجنس يصدق على بعض أفراده.
فيقال علم بعض ما في اللوح لا يختص به ﷺ بل يشاركه في ذلك غيره من الأنبياء وغيرهم من آحاد الناس من كل من علم شيئا مما جرى به القلم، مع أنه لا يصح حمل كلام الناظم على ذلك ولا يحتمله، لأنه قال ومن علومك علم اللوح والقلم. " فمن " في كلام الناظم للتبعيض فمقتضى اللفظ أن علم اللوح والقلم بعض علومك، وزعم بعض المنازعين أن من في قول الناظم من جودك ومن علومك إلخ، أنها لبيان الجنس، وبينا غلطه في جوابنا السابق، ولو سلم أنها لبيان الجنس مع أنها لا تصلح لذلك فالمعنى على ذلك أن علومك هي عين علم اللوح والقلم لا تقصر عنها لأن هذا هو معنى من البيانية. وكلام الناظم خطأ على كلا التقديرين، ومما يبين أن مراد الناظم إحاطة النبي ﷺ بعلم الغيب قوله في الهمزية في حق النبي ﷺ: وليس يخفى عليك في القلب داء. فوصفه ﷺ بالعلم بجميع أدواء القلوب
_________
١ أخرجه الإمام أحمد في المسند "٤ / ٥٧٨ "
1 / 29