تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي
محقق
د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر
الناشر
مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
توزيع المكتبة المكية
تصانيف
وَمَا لاَ يُغْنِي، فَلَمْ يَجْعَلُوا الصحةَ عبارةً عَمَّا أَسْقَطَ القضاءَ.
الثاني: على تقديرِ ثبوتِهِ، فليسَ المرادُ مِنْهُ أَنَّ الصحةَ نَفْسُ سقوطِ القضاءِ كَمَا يَقْتَضِيهِ نَقْلُ الْمُصَنِّفِ وغيرِهِ، بَلِ المرادُ كَمَا قَالَ الصَفِيُّ الْهِنْدِيُّ: كَوْنُ تلكَ العبادةِ بِحَيْثُ تُسْقِطُ القضاءَ، وليسَ المعنَى أَنَّهُ وَجَبَ القضاءُ ثُمَّ سَقَطَ بتلكَ العبادةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وِفَاقًا، أَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ القضاءَ يَجِبُ بِأَمْرٍ جديدٍ فظاهرٌ، وَإِنْ قُلْنَا بالأمرِ السابقِ فَكَذَلِكَ؛ لأَنَّ القضاءَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ فَوَاتِ الفعلِ عَنْ وَقْتِهِ، أَمَّا قَبْلَ الفواتِ فليسَ القضاءُ واجبًا عِنْدَ أحدٍ حَتَّى تَكُونَ العبادةُ المُؤَادَّةُ في الوقتِ مُسْقِطَةٌ للقضاءِ، بَلْ معناهُ أَنَّهُ سَقَطَ قضاءُ مَا انْعَقَدَ بسببِ وُجُوبِهِ، وعلى هذا فَيَسْقُطُ مَا أَوْرَدَهُ الإمامُ وغَيْرُهُ عَلَى هَذَا القولِ مِنَ الإِشْكَالِ.
(ص): (وبصحةِ العقدِ تُرَتَّبُ آثَارُهُ).
(ش): المرادُ بالآثارِ مَا شُرِعَ ذلكَ العقدُ لَهُ، كالتصرفِ فِي البيعِ والاستمتاعِ فِي النكاحِ وَنَحْوِهِ.
وَقَوْلُهُ: وبصحةِ العقدِ، خَبَرٌ مقدمٌ، وَقَوْلُهُ: تُرَتَّبُ آثارُهُ، هُوَ المبتدأُ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الخبرُ لأمرَيْنِ: صناعيٌّ، وهو عَوْدُ الضميرِ مِنَ المبتدأِ (١٥ ب) وهو (الهَاءُ) فِي آثارِهِ، على بَعْضِ الخبرِ وهو (صحةُ العقد) ِ على حِدِّ قولِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾، والثانِي بَيَانِيٌّ: وَهُوَ التنبيهُ على الحصرِ، فَإِنَّ تقديمَ المعمولِ يُفِيدُ الحصرَ عِنْدَ جماعةٍ، والمعنَى أَنَّ تَرَتُّبَ الأثرِ واقعٌ لصحةِ العقدِ لاَ غَيْرَ، أَيْ: يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ المقصودُ مِنَ التصرفِ، كَالْحِلِّ في النكاحِ، والمِلْكِ في البيعِ والْهِبَةِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ تعريفِ غَيْرِهِ (صحةُ العقدِ بِتَرَتُّبِ الأَثَرِ) كَمَا تَقُولُهُ الفقهاءُ، فَإِنَّ تَرَتُّبَ الأثرِ أَثَرٌ على صحةِ العقدِ، فَإِنَّا نَقُولُ: صَحَّ العقدُ فَتَرَتَّبَتْ آثَارُهُ عليهِ، فلهذا لَمْ يَجْعَلِ الْمُصَنِّفُ
1 / 181