تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي
محقق
د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر
الناشر
مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
توزيع المكتبة المكية
تصانيف
شُمُولُ العباداتِ والمعاملاتِ، فَكَمَا أَنَّ العبادةَ إِنْ وَقَعَتْ مُسْتَجْمَعَةَ الأركانِ والشروطِ كَانَتْ صحيحةً وَإِلاَّ ففاسدةٌ، كذلك العقودُ إذا صَدَرَتْ على الوجهِ الشرعِيِّ كَانَتْ صحيحةً وَإِلاَّ ففاسدةٌ، وَقَدْ أَشَارَ إلى ذلك في العقودِ القاضِي أَبُو بَكْرٍ وغيرُهُ، فَلاَ الْتِفَاتَ (١٥أ) لِمَنْ خَصَّ التعريفَ بالعبادةِ، وإلى التعميمِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بقولِهِ: وَقِيلَ فِي العباداتِ، فَعُلِمَ أَنَّ السابِقَ للأَعَمِّ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا جَعَلْتَ التعميمَ شامِلًا للأمرينِ فَلاَ حاجةَ لِقَولِهِ ثانيًا، وبصحةِ العقدِ تُرَتَّبُ آثَارُهُ.
قُلْنَا: هذا يُعْرَفُ جوابُهُ بِمَا سَيَاتِي، وَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: لاَ عَلَى وَجْهِ التَّشَبُهِ، لِيُخْرِجَ المتعدِي بالفطرِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عليه الإمساكُ = [تَشَبُّهًا] بالصائمينَ، وليسَ في صومٍ شَرْعِيٍّ على الصحيحِ، ولهذا لَوِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لاَ شيءَ عليه سِوَى الإثمِ، بخلافِ الْمُحْرِمِ إِذَا أَفْسَدَ إِحْرَامَهُ، وَأَشَارَ بقولِهِ (وَقِيلَ) إلى أَنَّ منهم مَنْ فَسَّرَ الصحةَ في العبادةِ بإسقاطِ القضاءَ، وَبَنَوا على القولينِ صَلاَةَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ، فَعِنْدَ المتكلمِينَ وَقَعَتْ صحيحةً بالنسبةِ إِلَى ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، وَعِنْدَ الفُقَهَاءِ بَاطِلَةٌ.
وَأَشَارَ بعضُهُمْ إِلَى أَنَّ النزاعَ لَفْظِيٌّ، والأحكامَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَجَرَى عليه +القَرَافِيُّ، قَالَ: لأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا على أَنَّهُ مُوافِقٌ لأمرِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ لاَ يَجِبُ عليه القضاءُ إِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ حَدَثُهُ، وَيَجِبُ إِذَا تَبَيَّنَ، وَلَكِنَّ خلافَهُمْ في لفظِ الصحةِ: هَلْ وُضِعَ لَمَّا وَافَقَ الأَمْرَ سَوَاءٌ أَوَجَبَ القضاءُ أَمْ لَمْ يَجِبْ، أَوْ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ قَضَاءٌ؟
وليسَ كذلكَ بَلِ الخلافُ معنويٌّ، والمتكلمُونَ لا يُوجِبُونِ القضاءِ، وَوَصْفُهُمْ إِيَّاهَا بالصحةِ صَرِيحٌ في ذلكَ، فَإِنَّ الصحةَ هِيَ الغايةُ، ولاَ يُسْتَنْكَرُ هَذَا، فللشافعيِّ فِي القديمِ مِثْلُهُ، فِيمَا إِذَا صَلَّى بِنَجَسٍ لَمْ يَعْلَمْهُ، ثُمَّ عَلِمَهُ، أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلِيهِ
1 / 179