63

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

محقق

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

الناشر

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

توزيع المكتبة المكية

تصانيف

وُجُودِهِ، بِخِلاَفِ الوصيةِ للمعدومِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ الحُكْمُ عَلَى الأشياءَ المعدومةِ وَتُقَدَّرُ مَوْجُودَةً، كالإيمانِ فِي حَقِّ أطفالِ المؤمنينَ، وَالْكُفْرِ فِي أولادِ الكُفَّارِ؛ حتى يَجُوزُ سَبْيُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ، وَقَدْ حَقَّقَ الإمامُ الْمُقْتَرِحُ - جَدِّ الشيخِ تَقِيِّ الدينِ بْنِ دَقِيقِ العِيدِ لأُمِّهِ - العبارةَ عَنْ هَذِهِ المسألةِ بِمَا يُفْسِدُ تعبيرَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فَقَالَ: الأمرُ لَمْ يُتَعَقَّلْ بالمعدومِ، بَلْ بالموجودِ المُتَوَقَّعِ، فكما أَنَّ العِلْمَ الأَزَلِيَّ يَتَعَلَّقُ بالموجودِ الذِي سَيَكُونُ، فَكَذَلِكَ الطلبُ الأَزَلِيُّ يُتَعَقَّلُ بِالْمُكَلَّفِ الذِي سَيَكُونُ.
تَنْبِيهَاتٌ:
الأول: قَدْ تُسْتَشْكَلُ هَذِهِ المسألةُ مَعَ التي قَبْلَهَا مِنِ امْتِنَاعِ تكليفِ الغافلِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ المُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مأمورًا فِي حالةِ الغفلةِ، وَلاَ يَكُونُ مأمورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بالأمرِ الموجودِ فِي حالةِ غفلتِهِ - اسْتُشْكِلَ الفرقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المعدومِ؛ بَلِ الغَافِلُ أَوْلَى بالجوازِ؛ لأَنَّهُ إِذَا كَانَ المعدومُ مأمورًا بَعْدَ وجودِهِ بالأمرِ المُتَقَدِّمِ عَلَى وجودِهِ كَانَ الغافلُ مأمورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بالأمرِ الوَارِدِ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ بطريقِ الأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ المرادُ أَنَّهُ لاَ يَكْونُ مأمورًا حَالَ غفلتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مأمورًا بَعْدَ تَذَّكُرِهِ بالأمرِ الوَارِدِ فِي حَالِ غفلتِهِ - فَيَكُونُ حُكْمُ الغافلِ كَحُكْمِ المعدومِ سواءً فِي أَنَّ كُلاَّ مِنْهُمَا لاَ يَكُونُ مأمورًا حَالَ عَدَمِهِ، ولاَ حَالَ غَفْلَتِهِ، وَيَكُونُ مأمورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ أَوْ وُجُودِهِ بالأمرِ الواردِ فِي حالةِ العدمِ وحالةِ الغفلةِ، فَهُمَا سَوَاءٌ، وِحِينَئِذٍ فَلاَ وَجْهَ لإفرادِ كُلٌّ مِنْهُمَا بمسألةٍ،

1 / 158