تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
104

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

محقق

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

الناشر

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

توزيع المكتبة المكية

تصانيف

النهيُ عَنْ بيعِ مَا ليسَ عِنْدَكَ وَرُخِّصَ فِي السَّلَمِ، فشرطُ العنديةِ في البيعِ لسببِ المقدرةِ على التسليمِ، ثُمَّ أُسْقِطَ هذا الشرطُ في السَّلَمِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مشروعًا، حتى كَانَتِ العنديةُ في السَّلَمِ مُفْسِدَةً لَهُ، وَإِنَّمَا سَقَطَ هذا الشرطُ فيه، تَيْسِيرًا على المحتاجِينَ لِيَتَوَصَّلُوا إِلَى مقاصدِهِمْ مِنَ الأَثْمَانِ قَبْلَ إدراكِ غَلاَّتِهِمْ، مَعَ توصلِ صاحبِ الدراهمِ إلى مقصودِهِ مِنَ الربحِ، فَكَانَ رخصةً. وَمِثْلُهُ: الْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ وَالإِجَارَةُ وَالْعَرَايَا، وَقَدْ صَحَّ الحديثُ بالتصريحِ فيها بالرخصةِ، فَقَالَ: (وَأُرَخِّصُ فِي الْعَرَايَا) فَلَوْ مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَحْسَنُ، وَلأَنُّ الْغَزَالِيُّ فِي (الْمُسَتَصْفَى) تَرَدَّدَ في ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ رخصةً لأَنَّ عُمُومَ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ مَا ليسَ عِنْدَهُ يُوجِبُ تحريمَهُ. قَالَ: (١٩ أ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: السَّلَمُ عقدٌ آخرُ، فَهُوَ بَيْعُ دَيْنٍ، وذلكَ بَيْعُ عَيْنٍ، فَافْتَرَقَا وافتراقُهُمَا في الشرطِ لاَ يُلْحِقُ أَحَدَهُمَا الرُّخَصَ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَجَازًا، وَأَنَّ قولَ الراوِي: نَهْيٌ عَنْ بَيِعِ مَا ليسَ عِنْدَكَ، وَأُرَخِّصُ فِي السَّلَمِ - تَجُوزُ فِي العبارةِ. قُلْتُ: وقريبٌ مِنْ هذينِ الاحتمالَينِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا المَاوَرْدِيُّ: أَنَّ السَّلَمَ أَصْلٌ بنفسِهِ، أَوْ عَقْدُ غَرَرٍ، جُوِّزَ للحاجةِ كالإجارةِ، وَأَمَّا الاعتراضُ بِأَنَّهُ قَدْ يُنْدَبُ السَّلَمُ، بِأَنْ يُحْتَاجَ إلى مَالِ الصبيِّ فَيُسْلَمَ فيه، فضعيفٌ؛ لأَنَّ ذَلِكَ لأمرٍ عارضٍ، ليسَ لِكَوْنِهِ

1 / 199