من الأمانة والسذاجة هو الذي جعل الأستاذ حسنين يشير في ما لا يقل عن أربعين موضعًا في الحواشي إلى أن لفظة " الدجى " كتبت في المخطوطة بالألف الطويلة ومثل ذلك: العدا والظبا، والضنا ... الخ، إلى عشرات من الألفاظ التي توقف عندها لاختلاف الإملاء، ولو أشار إليها في المقدمة لوفر على نفسه عناءً كثيرًا في تلك الحواشي المثقلة بما حملها من أعباء.
(٢) خطأ في الأعجام (شعث أصبحت شعب)، ومثل هذا الخطأ أشرت إليه في الحواشي عشرات المرات، فلماذا لم أشر إلى الأصل عندما أثبت قراءة " شعب "؟ لأني لا أثبت أية مقارنة لا تفيد معنى، ونما ألتزم بالإشارة إلى كل أصل يتحمل قراءة مخالفة لقراءتي، فأما ما لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا من القراءة فأنا أرى أن الإشارة إليه لا ضرورة لها. وهذا التشبث المتعسف لدى حسنين هو الذي جعله يثبت صورًا لألفاظ لا تعطي معنى مثل يرجيه (خ: يرحيه) تزجي (خ: ترحي) باطن (خ: باطر) نقنق (خ: لفنق) مناظر (خ: مناظو) .
ويلحق بهذا النوع ويقترب منه انعدام الاعجام. ترى ماذا كان الدكتور حسنين صانعًا لو أنه وجد مخطوطة لا تلتزم الاعجام (مثل مخطوطة أنساب السمعاني بخط السخاوي) . أكان يثبت كل لفظة لم تعجم، ليقول إلى جانبها " وردت غير معجمة في الأصل "؟! هذا أيضًا مما يشار إليه في المقدمة، ولا ضرورة إلى التوقف عنده إلا حيث يكون لصورة الكلمة الواحدة قراءات أخرى محتملة، وهذا شيء يتصل بالقرينة، فالقرينة قد تكون حاسمة في اعتماد وجه واحد من القراءة وقد تكون غير ذلك؛ وبعبارة موجزة: كل نقص واضطراب في الاعجام لا يثير لبسًا فليس من الضروري الإشارة إليه، ومثال ذلك على نحو حاسم: كجمر الغضا في لونه المتوقد (وهي في الأصل: كحمر، وليس لها وجه ثان إلا كجمر؟ بالجيم -)
حركات أيدٍ بالسلام لطاف (في خ: حوكات أسد؟ دون إعجام الكلمة الثانية) وليس من وجه آخر لها سوى سوى ما ثبت مصححًا.
فأظنه النهر الذي لم يستطع (خ: تستطع) والضمير عائد للنهر قطعًا بحسب القرينة، فما معنى إثبات ما في النسخة الأصلية؟
1 / 4