<div dir="rtl" id="book-container">
يدعوهم القرآن إلى الإسلام وينهاهم المسلمون عنه ثم قال جمال الدين فالواجب علينا قبل كل شيء أن نثبت للأوروبيين أننا غير مسلمين وبهذه الصورة يمكن أن نجلبهم إلى الإسلام ونحسن اعتقادهم فيه ولو اقتصر الأمر على هذا لهان ولكن قد نبت من المسلمين وفي بلاد المسلمين طائفة عظيمة من الشبان تعلموا العلوم العصرية وتثقفوا بآداب الإفرنج ودرسوا قوانين الاجتماع الحديث وعرفوا بسبب ذلك من أطوار البشر وطبائع العمران ما لم يعرفه سواهم وقد أخذوا يقارنون بين ما يعرفون وبين ما ورثوه عن أسلافهم فنكروا أشياء كثيرة مما يعده المسلمون دينا ولما لم يجدوا أحدا يزيل شكوكهم ويزيح عنهم ما خاطرهم من الريب فيما إذا كان الدين الإسلامي يصلح للبشر أو لا يصلح؟ وجود هذه الطائفة المتنورة في بلاد المسلمين من أقوى البواعث على الإصلاح الديني ووجوب السعي إليه من بابه وأن لم نفعل اختل نظامنا ودخل الفشل والعدو بين صفوفنا يحاول قوم من الجامدين أن يأخذوا أولئك المتنورين بالتقليد الأعمى وأن يحملوهم على الإذعان والتصديق بمجرد نقل النصوص وسرد أقوال المتفقهين ولكن محاولة هذا منهم مقاومة للطبيعة وهو أمر مستحيل، عقل حر في نفسه، حر في حكومته، حر في عصره حر في الوسط الذي يعيش فيه تكلفه أن يقلد غيره تقليدا أعمى اللهم إن هذا تكليف ما يطاق، تكليف لم يرضه الله تعالى للمشركين في أزمنة انغماسهم في الجهالات وظهور الخوارق والمعجزات أتراه يرضاه للمتنورين في أزمنة الاكتشافات والاختراعات وأتينا العلم على المشاهدات والمجربات - للتباطئ في الإصلاح وإبقاء ما كان على ما كان حمل أناسا من هذه الطائفة المتنورة
صفحة ١٤٤