والأجزاء المنشورة عبارة عن صفحة غلاف الكتاب، والمقدمة، وعشر صفحات من مسرحية بعنوان «الفخ المنصوب للحكيم المغصوب». ولأهمية هذه الوثيقة بالنسبة لتاريخ المسرح المصري بصفة عامة، وللريادة المجهولة لمحمد عثمان جلال بصفة خاصة، نوردها بكاملها كما جاءت في المجلة، قبل الحديث عنها. (2-1) الوثيقة
كتاب النكات وباب التياترات بقلم محمد أفندي عثمان المترجم بديوان الجهادية، ألفه برسم روضة المدارس المصرية سنة 1288ه [1871م].
صورة صفحة المقدمة. (2-2) المقدمة
ليس القصد من هذا الكتاب ولا الدخول في ذلك الباب مجرد سرد ما ورد من النكات وما قيل أو سمع من المضحكات، بل جل المرام مراعاة ما فيه الفائدة من الآداب، وما يؤدي استماعه إلى التحصيل والاكتساب؛ فإن شجرة العلم إذا نشرت فروعها على المتظلل وعكفت بأوراقها على الطالب المتأمل، ولم يكن عندها ماء نكات جاري ولا نسيم مفاكهة ساري، ضاقت أنفاسه، وارتجت رأسه. ومن ثم ترى أغلب المتبحرين في الحكم، وسائر فلاسفة الأمم، تحتال على درج الأدب في ثياب النكات، وتجلي العلوم في حلل المضحكات. وإن المفلق من المدرسين، والمتقن من العلماء والمهندسين، لا بد له مما يروح به الأذهان، ويداوي بذكره الأرواح والأبدان، فيسوق ما يروق ويحكي ما يذكي، ويبسط ما يبسط. واعلم أن روضة المدارس علومها كثيرة، وبحار مسائلها غزيرة. فمن احتاج ذهنه إلى الترويح، وتاقت نفسه لأن تستريح، قابله في طريقه من هذا الكتاب حديقة، وجنة مجاز أطرب من جنة حقيقة، تغرد فيها أطيار المجون، وتجري من تحتها أنهار الفنون والشجون، فتجلس منه المخيلة، تحت مخادع مظللة، وقطوف مذللة. ويرتوي ذهنه الصادي من عذب المفاكهة، وتتنقل أفكاره من فاكهة إلى فاكهة.
هذا، ولقد التزمت أن أجمع مما أراه من التياترات الأوروباوية، ما احتوى على النكات الشهية. فإن الكتب التي من هذا القبيل، في كل جيل، ما جعلت إلا لتهذيب الأخلاق، وتذكية العقول على الإطلاق. فلا تنظر للمضحك منها بنظر ساخر، فما هو إلا قول شاعر، وفعل ساحر. وإياك أن تنزلها منزلة الهذيان، وتلبسها ثوب الهوان! فإن أوروبا بتمامها، ما كان السبب في تقدمها وإقدامها إلا أنها اتخذت من التياترات سلما فرقت به إلى عنان السما، لأنهم اكتسبوا منها الجراءة، وجبروا على معرفة الكتابة والقراءة. فقربوا بواسطتها كل بعيد، وعرفوا سديد الأمور وغير السديد. وتحاشوا ما يزري بمكارم الأخلاق، ويعين المرء على حب النفاق. كل ذلك خوفا من أن تقلد فيها أفعالهم فيجتنبوا، وتعرض على الأمة أعمالهم فيناقشوا ويحاسبوا، حتى أنفوا ارتكاب الرذائل، وتحلوا بشعار الفضائل. وإن كتبها من أدق المؤلفات نثرا ونظما، وأصعبها قراءة وفهما. فناهيك بترجمتها وإخراجها عن أصلها، ونقلها إلى عوائد غير أهلها، فإنها تعجز النحرير، وتعضل الشيخ الكبير.
ولولا أن سعادة مدير المدارس أمرني، وعلى تعريبها جبرني، لما تجاريت على الأمر الجلل، ولا تعرضت لصعود هذا الجبل. لكن بهمة هذا المدير المبارك، الذي في مجده لا يشارك، الراقي بعلومه أوج الشرف، الراقم بيراعه مجموع التحف والطرف، لا أزال أجهد نفسي، وأعمل يراعي وطرسي، حتى أجمع كتابا لم يسبقني إليه أحد، ولم يكن ظهر في هذا البلد. ثم لا أزال أطوف حول جزيرة العرب، وأغوص في بحر الأدب، حتى أعرف مده من جزره، وآتي منه بأنفس دره. وأنسج مما غزلته الأقلام، وأحيك بعض ما وشاه الكلام، حتى أقدم صنعة صنعا، وأرصع تاج كسرى، وأنقش ديباج خيوى؛ لعله أن يكون شيئا يهدى، أو فرضا يؤدى. وعساه أن يخطر بالمسامع الكريمة، ويتشرف بالعرض على ذي المعاطف الرحيمة، من بدل ما حل مصر بخصوبة، وغير مالحها بعذوبة، وشيد ما تهدم من أركانها، وعمر ما تخرب من بنيانها، ذي السيف الصقيل، والظل الظليل، سعادة أفندينا وولي نعمتنا الشهم إسماعيل، فإنه الأول من أسباب التعليم، والآخر من دواعي التمدن والتقدم. نشأت بهمته المدارس فحسن شأنها، واجتهدت ببركته شيوخها فأفلح شبانها. أمد الله أيامه بالدوام، وسخر لخدمته الليالي والأيام، وحفظه وحفظ أنجاله الكرام، ببركة النبي عليه الصلاة والسلام. (2-3) الفخ المنصوب للحكيم المغصوب (وهي على ثلاثة أبواب وخمسة وعشرين فصلا)
رجال اللعب
يونس:
أبو زهرة.
زهرة:
صفحة غير معروفة