أجمع معظم النقاد والكتاب ممن كتبوا عن محمد عثمان جلال،
1
بأن آثاره المسرحية تمثلت في خمسة كتب مطبوعة؛ أولها: مسرحية «الشيخ متلوف» المنشورة في عام 1873. وثانيها: كتاب «الأربع روايات من نخب التياترات» وطبع في عام 1890، وهو يجمع أربع مسرحيات هي: الشيخ متلوف، والنساء العالمات، ومدرسة الأزواج، ومدرسة النساء. والكتاب الثالث «الروايات المفيدة في علم التراجيدة» وطبع عام 1893، وهو يجمع ثلاث مسرحيات هي: «أستير»، و«أفيجينيا»، و«الإسكندر الأكبر». والكتاب الرابع به مسرحية «الثقلاء» وطبع عام 1896. والخامس والأخير به مسرحية المخدمين وطبع بعد وفاته في عام 1904.
ورغم هذا الإجماع إلا أننا بعد قراءة هذا الجزء، سيتضح لنا أن لعثمان جلال أعمالا مسرحية أخرى مجهولة، نشر بعضها، وتحدثت الصحف عن البعض الآخر، في عامي 1870 و1871. وهذا الكشف الجديد، من الممكن أن يؤدي إلى إعادة ترتيب التاريخ المسرحي المصري مرة أخرى؛ لأن آثار هذا الرائد المجهولة كانت تغطي نفس فترة ظهور يعقوب صنوع، بل إن آثار محمد عثمان جلال لها ما يؤكدها ويوثقها ويؤرخ لها في هذه الفترة، بعكس يعقوب صنوع الذي لم نتعرف على نشاطه المسرحي، إلا من خلاله هو شخصيا، كما بينا فيما سبق.
وقبل الحديث عن هذه الأمور، يجب علينا أولا أن نعرف من هو عثمان جلال. فمن الثابت أنه كتب تاريخ حياته - قبل وفاته - في كراسة قدمها حفيده إبراهيم جلال - القاضي بسوهاج - في عام 1916 لمجلة «الأدب والتمثيل»، التي نشرت منها جزءا، قالت فيه: «ولد المرحوم محمد عثمان بك جلال في قرية وناء
2
في قسم بني سويف بالقرب من البهنسا في 1243ه [1828م]. وقد تعلم في مدرسة الألسن، وعين في سنة 1260ه [1844م] عضوا بقلم الترجمة العلمية. ثم في الديوان العالي بمرتب 100 قرش في الشهر أيام حكم المرحوم محمد علي باشا. ثم لما تولى سعيد باشا أخذه كلوت بك ليترجم بمجلس الطب ... ثم اشتغل بترجمة العيون اليواقظ، وما زال يتنقل من ديوان إلى ديوان في هذه الوظيفة حتى تولى الخديوي إسماعيل فانتخب لديوان الواردات وترقى إلى رتبة بكباشي 1279ه [1862م] وكان مع كثرة أشغاله يعنى بترجمة ما يلذه فترجم عدة كتب كلها مطبوعة. ثم ترجم «الشيخ متلوف» نظير «ترتوف»، مع التزام نظمه كأصله عملا بإشارة المرحوم علي باشا مبارك ناظر المدارس وقتئذ، وكان ذلك في منتصف حكم المرحوم إسماعيل باشا أي في بدء عهد النهضة التمثيلية، وظل على هذا المنهج من العناية بالأدب وهو يتدرج في مراتب الحكومة إلى أن كان آخر عهده قاضيا بالمحكمة المختلطة. وكانت وفاته يوم 3 شعبان سنة 1315ه [28 / 12 / 1898] وله من العمر اثنان وسبعون سنة.»
3
أما المؤرخ عبد الرحمن الرافعي فيبين لنا بعض التفصيلات عن حياته، وعن آثاره الأدبية، قائلا: إنه تلقى العلم في مدرسة القصر العيني (عندما كانت مدرسة إعدادية)، ثم في مدرسة أبي زعبل، ثم في مدرسة الألسن «وبدا عليه الميل إلى الشعر والأدب والتعريب، وكان ميالا إلى الفن الروائي، يجيد التعريب فيه مع تمصير ما يعربه أحيانا، وله كتاب «العيون اليواقظ» وهو تعريب شعري لروايات لافونتين ومواعظه، ويعد هذا الكتاب أعظم آثاره الأدبية وأشهرها، وعرب رواية «بول وفرجيني» عن الفرنسية، ووضع كتاب «التحفة السنية في لغتي العرب والفرنسوية» منظومة، وعرب بعض الروايات التمثيلية، منها «ترتوف» لموليير، عربها بتصريف وأسماها «الشيخ متلوف» بعد أن أسبغ عليها مسحة مصرية، وقد مثلت هذه الرواية على المسارح في مصر، وله أرجوزة في رحلة الخديو سنة 1880. أدرك المترجم عصر محمد علي وخلفائه إلى أوائل عهد عباس الثاني، وشغل مناصب عدة في الحكومة، وآخر ما تولاه منها منصب القضاء في المحاكم المختلطة سنة 1881 وأحيل إلى المعاش سنة 1893.»
4 (1) اكتشاف بداية التعريب
صفحة غير معروفة