تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

الذهبي ت. 748 هجري
99

تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

الناشر

المكتبة التوفيقية

إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ؟ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنْيَسًا فَقَالَ لِي: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ احْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارَ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ خِفَافُ بْنُ إِيماءَ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيُّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ. وجاءت أسلم، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِخْوَانُنَا، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمُوا فَقَالَ: "غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ" ١ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ بِإِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَرْسَلْتُ أَخِي فَرَجَعَ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، فَلَمْ يَشْفِنِي، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ، فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمْ أَسْأَلْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، جِئْتُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ مَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَعُودَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: مَا أَمْرُكَ؟ قُلْتُ: إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ، ثُمَّ قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ خَرَجَ نَبِيٌّ، قَالَ: قَدْ رَشَدْتَ فَاتْبَعْنِي، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: اكْتُمْ إِسْلامَكَ وَارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا معاشر قُرَيْشٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَقَامُوا، فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ وَقَالَ: تَقْتُلُونَ، وَيْلَكُمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارٍ، فَأَطْلَقُوا عَنِّي. ثُمَّ فَعَلْتُ مِنَ الْغَدِ كَذَلِكَ، وَأَدْرَكَنِي العبّاس أيضًا٢.

١ صحيح: أخرجه مسلم "٢٤٧٣" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي ذر ﵁ وأحمد "٤/ ١٧٤-١٧٥". ٢ صحيح: أخرجه البخاري "٣٨٦١" في كتاب المناقب الأنصار، باب: إسلام أبي ذر الغفاري ﵁ ومسلم "٢٤٧٤" في المصدر السابق، والطبراني في "الأوسط" "٢٦٣٣"، وأبو نعيم في "الحلية" "٥١٦".

1 / 102