تاريخ دنيسر
محقق
إبراهيم صالح
الناشر
دار البشائر
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٣ هـ
سنة النشر
١٩٩٢ م
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وَالْجَمَلَ الْقِدْرَ» .
وَقَدْ رُوِيَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَعْمَلُ نَظَرُ الْعَيْنِ مِنْ بعدٍ حَتَّى يُؤَثِّرَ؟
فَقَدْ أجاب شيخنا أبو الفرج ابن الْجَوْزِيِّ: أَنَّ طَبَائِعَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ كَمَا يَخْتَلِفُ طَبَائِعُ الْهُوَامِّ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ مِنَ الْحَيَّاتِ وَالأَبْتَرِ، وَقَالَ: إِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ؛ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِسُمٍّ فَصَلَ عَنْ أَعْيُنِهِمَا فِي الْهَوَاءِ حَتَّى أَصَابَ مَنْ رَأَيْنَهُ، فَكَذَلِكَ الآدَمِيُّ.
قَالَ ابْنُ السَّائِبِ: كَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمْكُثُ الِيوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ لا يَأْكُلُ، ثُمَّ يَرْفَعُ جَانِبَ خِبَائِهِ، فَتَمُرُّ بِهِ النِّعَمُ، فَيَقُولُ: لَمْ أَرَ كَالِيوْمِ إِبِلا، وَلا أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ. فَمَا تَذْهَبُ إِلا قَرِيبًا حَتَّى يَسْقُطَ مِنْهَا عِدَّةٌ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ رَجُلا عَيُونَا يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُ الشَّيْءَ يُعْجِبْنِي وَجَدْتُ حَرَارَةً تَخْرُجُ مِنْ عَيْنِي. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ تَلْسَعُهُ الْعَقْرَبُ فَتَمُوتُ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَانَ الْمُتَوَكِّلُ قَدْ جِيءَ بِأَسْوَدَ مِنْ بَعْضِ الْبَوَادِي يَأْكُلُ الأَفَاعِي وَهِيَ أحياءٌ، وَيَتَلَقَّاهَا بِالنَّهْشِ مِنْ جِهَةِ رُؤُوسِهَا، وَيَأْكُلُ ابْنَ عِرْسٍ وَيَتَلَقَّاهُ بِالنَّهْشِ والأَكْلِ مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ، وَأُتِيَ بِآخَرَ يَأْكُلُ الْجَمْرَ كَمَا يَأْكُلُهُ الظَّلِيمُ.
1 / 45