وعمل أستاذ هرمز على قصده قبل استفحال أمره، فجمع عساكر كرمان وتوجه لطلبه، وسبقه ابن بختيار الى دشتير، والتقيا فى موضع يعرف بزيرل، من ظاهرها واستأمن إلى ابن بختيار كثير من الديلم الذين كانوا مع أستاذ هرمز، فانهزم أستاذ هرمز فى خواصه وأقاربه من القوهية وصار الى السيرجان. ومضى ابن بختيار إلى جيرفت ورتب العمال وجبى الأموال وأنفذ الى شق بم من استغوى له الجند الذين فيها ودعاهم إلى طاعته وملك أكثر كرمان واستولى عليها وانتشر أصحابه فيها يطرقون أعمالها ويستخرجون ارتفاعها وأستاذ هرمز بالسيرجان ينفذ السرايا إلى النواحي ويكبس أصحاب ابن بختيار [16] ويسلك سبيل الغيلة والمكيدة فى طلبهم والإيقاع بهم.
ثم ورد عليه كتاب الموفق بأنه سائر، ورسم له قصد بردشير وسبق ابن بختيار إليها. ففعل ذاك وحصل بباب بردشير وصعد من كان بها من ديلم ابن بختيار إلى قلعتها ومنعوا نفوسهم فيها وتوجه الموفق إلى كرمان على طريق درابجرد. فلما وصل إلى فسا عسكر بظاهرها، وعرف ابو عبد الله الحسين بن محمد بن يوسف وهو عامل كورة درابجرد خروجه من شيراز فبادر لاستقباله وخدمته، فوافق وصوله إلى معسكره أن كان نائما، فما انتبه إلا بصهيل الخيل وضجيج الأتباع والحشم فشاهد من كثرة حواشيه وضففه وسعة كراعه ورجله ما عظم فى نفسه وحمله حسده عليه على أن قبض عليه وعلى أصحابه وأخذه معه محمولا على جمل، بعد أن احتوى على جميع ماله.
فكان إذا نزل فى المنزل أحضره وطالبه وضربه وعذبه حتى تقدم فى بعض الأيام بأن يعلق بإحدى يديه فى بعض أعمدة الخيم وأن يحمل على الجمل معلقا، وهو مع هذه المعاملة لا يستجيب إلى التزام درهم ولا يذعن بقليل ولا كثير، وكان أكثر ما انتهى به الموفق إليه لغيظه من تقاعده وتماتنه.
فذكر أبو عبد الله أنه عرف من بعض أصحابه- يعنى الموفق- انه قال:
صفحة ٤١٢