ثم كانت وقعة بني قريظة وهي فخذ من جذام إخوة النضير ويقال إن تهودهم كان في أيام عاديا أي السموأل ثم نزلوا بجبل يقال له قريظة فنسبوا إليه وقد قيل إن قريظة اسم جدهم بعقب الخندق وكان بينهم وبين رسول الله صلح فنقضوه ومالوا مع قريش فوجه إليهم سعد بن معاذ وعبد الله بن رواحة وخوات بن جبير فذكروهم العهد وأساءوا الإجابة فلما انهزمت قريش يوم الخندق دعا رسول الله عليا فقال له قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة وقال عزمت عليكم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة وركب حمارا له فلما دنا منهم لقيه علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لا تدن فقال أحسب أن القوم أساءوا القول فقال نعم يا رسول الله فيقال إنه قال بيده هكذا وهكذا فانفرج البجل حين رأوه وقال يا عبدة الطاغوت يا وجوه القردة والخنازير فعل الله بكم وفعل فقالوا يا أبا القاسم ما كنت فاحشا فاستحيا فرجع القهقري ولم يتخلف عنه من المهاجرين أحد وأفاء عامة الأنصار ففتل من بني قريظة ثم تحصنوا فحاصرهم رسول الله أياما حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ الأنصاري فحضر سعد عليلا فقالوا له قل يا أبا عمرو وأحسن فقال قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم أرضيتم بحكمي قالوا نعم ثم قال قد حكمت أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتجعل أموالهم للمهاجرين دون الأنصار فقال رسول الله لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات ثم قدمهم عشرة عشرة فضرب أعناقهم وكانت عدتهم سبعمائة وخمسين فانصرف رسول الله واصطفى منهم ست عشرة جارية فقسمها على فقراء هاشم وأخذ لنفسه منهن واحدة يقال لها ريحانة وقسمت أموال بني قريضة ونساؤهم وأعلم سهم الفارس وسهم الراجل فكان الفارس يأخذ سهمين والراجل سهما وكان أول مغنم أعلم فيه سهم الفارس وكانت الخيل ثمانية وثلاثين فرسا
وقعة بني المصطلق
ثم كانت وقعة بني المصطلق من خزاعة لقيهم رسول الله بالمريسيع وهزمهم وسباهم فكان ممن سبى في غزاته جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار وقتل أبوها وعمها وزوجها فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي فكاتبها فأتت رسول الله في مكاتبتها فقضى عليها مكاتبتها وتزوجها وجعل صداقها عتقها فلم يبق عنده من سبي بني المصطلق أحد إلا أعتقه وتزوجوا من فيهم من النساء لتزويج رسول الله جويرية
وفي هذه الغزاة قال أصحاب الإفك في عائشة ما قالوا فأنزل الله عز وجل براءتها وكانت تخلفت لبعض شأنها فجاء صفوان بن المعطل السلمي فصيرها على بعيره وقادها فقال من قال فيها الإفك وجلد رسول الله حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وعبد الله بن أبي بن سلول وهو الذي تولى كبره وحمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش وأسلم بنو المصطلق وبعثوا إلى رسول الله بإسلامهم فبعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط ليقبض صدقاتهم فانصرف إلى رسول الله فأنزل الله عز وجل
﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾
صفحة ٥٣