98

تقويم الأدلة في أصول الفقه

محقق

خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

الاحتمال والشك فيوجب شكًا فيما بقي من الحكم كاستثناء فيه شك فإنه يوجب شكًا في المستثنى منه كقولك: والله لا أكلم الناس إلا زيدًا أو عمروًا، فإنهما لا يدخلان تحت اليمين لدخولهما تحت الاستثناء بالشك. وأما الذين فرقوا بين تخصيص المجهول والمعلوم فإنهم ذهبوا إلى أن تخصيص العموم بدليل منفصل بمنزلة التخصيص بالاستثناء، إذ الخصوص لا يثبت إلا بدليل يبين لنا أن المراد به ما بعده، وأن قدر المخصوص لم يدخل تحته كالاستثناء. فأما الطارئ الذي يرفع بعد ثبوته فهو نسخ، وإذا كان كذلك كان بمنزلة الاستثناء. ثم استثناء المعلوم لا يسقط عموم ما بقي، واستثناء المجهول يسقطه ويوجب الوقف إلى البيان، فكذلك التخصيص. فعلى قول هذا القائل لا يصح الاحتجاج بعموم آية البيع لأنه خص منه الربا وإنه مجهول، ولا بآيات الحدود لأنه خص منها حالة الشبهة وهي مجهولة. وأما الذين قالوا؛ إن تخصيص المجهول ساقط حكمه قبل البيان، وأنه يبقى على العموم بعد الخصوص المجهول والمعلوم موجبًا للعلم فقد ذهبوا إلى أن التخصيص لا يكون إلا بدليل منفصل عن العام له موجب في بعض ما تناوله العام بخلافه على سبيل ما لو تأخر كان نسخًا، فإذا جاء مقارنًا كان بيانًا، وإذا كان كذلك لم يتغير بالثاني صيغة الكلام الأول كما في النسخ، وكيف تتغير ولم تتصل بالصيغة بل انفصلت عنه، وكل كلام تام بنفسه وإذا لم تتغير وجب اعتبار كل صيغة في نفسها على حدة. ثم صيغة العام للتعميم وقد خرج من أهله فصح خروجه وأضيف إلى محل قابل للعموم فانعقد موجبًا للعموم إلا أنه امتنع عن العمل في بعض المحال لمانع على سبيل المدافعة وهو النص الذي يخصصه فيتغير حكمه بقدر المانع، لأن صيغته لم تتغير به، وإذا لم تتغير الصيغة وهي للتعميم يقينًا بقي كذلك وراء ما ثبت الخصوص، والخصوص إنما يثبت بقدر ما يتبين بالخاص. فأما ما لم يتبين منه بأن كان دليل الخصوص مجملًا فلا يمتنع به لأنه لا مساواة بين الظاهر والمجمل، بل المجمل مما لا يجب العمل به حتى يلتحق به البيان فيصير في حق العمل كنص لم ينزل بعد ألا ترى أنه لو طرأ المجمل على ظاهر ناسخًا لم يثبت به النسخ حتى يتبين، بخلاف الاستثناء فإنه يرد على صيغة الكلام فيستخرج منه بعضه فيصير كأنه لم يتكلم بالمستثنى وإنما تكلم بالباقي بعده. ألا ترى أن الاستثناء لو فصل وهو قوله إلا كذا لم يكن له موجب بنفسه، وإذا اعتبر المستثنى منه مع الاستثناء كلامًا واحدًا أوجبت الجهالة بالاستثناء جهالة في المستثنى منه، والشك فيه شكًا في الأصل فيصير الأصل مجهولًا محتملًا فلا يجب العمل به حتى يرد

1 / 106