واختصاص الجسم بالجهة لمن لا يقدر على ذاته ولا على جميع صفاته وفي حال بقائه كحدوثه يحيل كون ذلك بالفاعل.
فثبت أن المقتضي لهذا الحكم أمر غير الجسم.
وانتقال الجسم عن الجهة إلى غيرها يقتضي بطلان ما كان أوجب اختصاصه بالأولى، وتجدد ما خصصه بالثانية، لاستحالة الكمون والانتقال على الأعراض.
وتجدد الشئ عن عدم حقيقة في حدوثه وعدمه بعد الوجود يحيل قدمه، لوجوب وجود القديم، وما ليس بقديم محدث.
وكون الجسم متحيزا يوجب حاجته إلى جهة قد بينا استناد اختصاصه بها إلى معنى، فلو جاز خلوه منه لخلا منها، وذلك محال، لكونه متحيزا.
فثبت أن وجوده مضمن لوجود الحوادث، وقد علمنا ضرورة حدوث ما له هذا الحكم، فوجب إلحاق هذا التفصيل بتلك الجملة.
طريقة أخرى معلوم أن للأجسام أحكاما هي عليها، مدركه وغير مدركة:
فالمدركة: الألوان، والطعوم، والأراييح، والحرارة، والبرودة، والآلام المبتداة.
وغير المدركة: الرطوبة، واليبوسة والشهوة، والنفور والحياة، والقدرة، والعلوم الضرورية التي هي من كمال العقل.
وطريق إثبات الجميع أغيارا للجسم طريق إثبات الأكوان، وقد بيناه.
ويدل في المدركات خاصة: أن الإدراك يتعلق بأخص صفات المدرك، وأخص صفات ذاته، على ما وضح برهانه في غير موضع.
فلا يخلو أن يتعلق الإدراك بذات الجسم، أو بصفة له نفسية، أو بالفاعل،
صفحة ٦٨