(بادت وغير آيهن من البلى * إلا رواكد جمرهن هباء ومشجج أما سواء قذاله * فبدا وغير ساره المعزاء) هو من أبيات الكتاب في سورة الواقعة عند قوله تعالى (وحور عين) بالرفع على وفيها حور عين، أو للعطف على ولدان، وبالجر عطفا على جنات النعيم، كأنه قال: هم في جنات وفاكهة ولحم وحور، أو على أكواب على معنى: يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وحور، وبالنصب على ويؤتون حورا، باد: هلك، وغير آيهن: أي علامتهن، والمراد بالرواكد أحجار الأثفية، وهبا الرماد يهبو إذا اختلط بالتراب. وقوله: ومشجج المراد به وتد الخباء الذي شج رأسه من الدق، وغير ساره: أي بقيته. والأمعز: مكان يخالط ترابه حجارة وحصى وإذا حمل على الأرض أو البقعة قيل المعزاء: أي لم يبق من آثار منازل الأحباب سوى أحجار الأثافي ورمادها المختلط بالتراب ووتد الخباء المكسور الرأس المتغير بطول بقائه في الأرض، ورفع مشجج ولم يعطفه على رواكد: أي وفيها مشجج، وحمل مشجج بعد بالرفع على المعنى لأن المعنى: بادت إلا رواكد بها رواكد، فحمل مشجج على ذلك، ومثله: لم يدع....... * من المال إلا مسحتا أو مجلف * لأن تقديره: لم يبق من المال إلا مسحت فحمل مجلف عليه، وسيجئ الكلام على إعرابه في محله مستوفى إن شاءالله تعالى.
(كيف نومي على الفراش ولما * تشمل الشأم غارة شعواء تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى * عن خدام العقيلة العذراء) في القلم عند قوله تعالى (يوم يكشف عن ساق) والكشف عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب، وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب وإبداء خدامهن عند ذلك، قال حاتم:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا وقال ابن الرقيات: تذهل الشيخ عن بينه الخ. فمعنى يوم يكشف عن ساق في معنى: يوم يشتد الأمر ويتفاقم ولا كشف ثم ولا ساق، كما يقال للأقطع الشحيح يده مغلولة ولا يد له ولا غل وإنما هو مثل في البخل، يقال غارة شعواء: أي فاشية متفرقة تذهل: أي تشغل تلك الغارة، وإنما خص الشيخ لوفور عقله وممارسته الشدائد:
وإما لفرط محبته للأولاد، والخدمة الخلخال، والعقيلة من النساء: التي عقلت في بيتها: أي خدرت وحبست، وعقيلة كل شئ أكرمه، ورفع الشعواء وخفض العذراء إقواء يتساهل الشعراء فيه، وسمى إقواء لأنه نقص من عروضه قوة، يقال أقوى الحبل إذا جعل بعضه أغلظ من بعض، والشعر خالف قوافيه برفع بيت وجر آخر كما في بيت النابغة الذبياني:
زعم البوارح أن رحلتنا غدا * وبذاك خبرنا الغراب الأسود لا مرحبا بغد ولا أهلا به * إن كان تفريق الأحبة في غد والبارح ضد السانح، يقال من لي بالسانح بعد البارح: أي بالمبارك بعد المشئوم، يقال سنح الطائر: جرى من يمينك إلى شمالك، والعرب تتيمن بذلك. قال ابن فارس: السانح ما أتاك عن يمينك من طائر وغيره.
صفحة ٣٢٢