[مسألة] وربما قيل ما فائدة قوله في الذي (مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت) وأي معنى في هذا السؤال. وجوابنا التنبيه على قدرته تعالى لانه ظن انه لبث يوما أو بعض يوم فأراه الله تعالى في أمر الطعام والشراب والحمار ما عرف به قدرته ولا يجوز في جوابه أن يحمل الا على الظن لأن الميت لا يعرف مقدار ما بقي ميتا إلا ان أحياه الله وكل ذلك يظهر ويكون معجزة لبعض الأنبياء.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) كيف يبطل ذلك. وجوابنا ان المراد بطلان ثوابها بما يقع من المتصدق من المن عليهم وأذية قلوبهم نحو أن يقول المتصدق للفقير ما أشد إبرامك وخلصنا منكم الله الى ما يجري هذا المجرى فأدب الله تعالى المتصدق بأن لا يكسر قلب الفقير فكما أحسن في الفعل يحسن في القول ولذلك مثله (كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا) وأدب أيضا بقوله (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) لان ما ينفق لله وطلبا للثواب يجب أن لا تكون منزلته دون منزلة ما يتلذذ به في الدنيا وهذا تأديب حسن. وأدب أيضا بقوله (الشيطان يعدكم الفقر) فيبعث على البخل وترك الصدقة (والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) فيبعثكم على الصدقة وعلى خلاف الفحشاء والمعاصي. وبعث الله تعالى أيضا على إخفاء الصدقة بقوله (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) والعلماء يقولون ان الأولى في الواجب أن يظهر وفيما عداه أن يكتم فيكون أقرب الى أن يكون مفعولا لذات الله تعالى.
صفحة ٥٣