وربما قيل في قوله تعالى (قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا) كيف يستبعد ذلك وهو نبي وقد بشره الله تعالى به لأجل ما ذكره؟ وجوابنا أن ذلك استبعاد من حيث العادة لا من حيث القدرة وذلك يصح في الانبياء كما يصح في غيرهم ولو أن نبيا من الانبياء بشر من بالبادية بنهر جار لجاز أن يقال كيف يصح ذلك في هذا المكان فيكون استبعادا من حيث العادة لا من حيث القدرة.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) أليس ذلك يدل على أن المعدوم ليس بشيء؟ وجوابنا أن المراد ولم تك شيئا على الوصف الذي أنت عليه من الفضل والنبوة فإذا صح أن أخلقك على هذا الوجه صح أن أرزقك ولدا مع كبرك فلا تستبعد ذلك في القدرة وجواز مثله في العادة وقوله تعالى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة) فيدل على ان القوة قبل الفعل على ما نقول والا كان لا يصح ذلك كما لا يصح ممن لا يد له أن يقال خذ بيدك فأما قوله تعالى (وآتيناه الحكم صبيا) فيدل على أن مخالفة الصبي للبالغ هو من حيث العادة لا من حيث القدرة وقوله (وحنانا من لدنا) أراد به الانعام العظيم عليه بأن جعله نبيا وناصحا وباعثا على الخيرات وقوله تعالى (قال رب اجعل لي آية) لا يدل على أنه لم يكن واثقا بما بشر به على ما روي عن بعضهم أنه شك في البشرى بل مراده بذلك التوكيد لما بشر به اذا لم يجعل له آية تدل على الوقت الذي يرزق فيه الولد وان كان قد عرف بالبشارة ذلك لكنه جوز التقديم والتأخير.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) أليس ذلك يتناقض لأنه اذا كان تقيا استغنى فيه عن التعوذ وكان الاقرب أن يقول: إني أعوذ بالرحمن منك إن لم تكن تقيا؟
صفحة ٢٤٦