سورة يوسف
أول ما نذكر في هذه السورة أنها مشتملة من آداب الانبياء صلوات الله عليهم ومن آداب الاخلاق والتمسك بالصبر والحلم وتوقع الفرج بعد حين والتشدد في الصبر على المعاصي واحتمال المكاره على ما لو تأمله القارئ وتمسك بكله أو بعضه لعظم موقع ذلك في دينه ودنياه، فليتأمل القارئ أولا رؤيا يوسف للكواكب والشمس والقمر وان أباه صلى الله عليهما وسلم كيف تقدم بكتمان ذلك عن اخوته والصبر في كتمان ذلك صعب فاحتمله تحرزا من حسدهم. وليتأمل ثانيا كيف جاد به على اخوته لئلا يستوحشوا وظن السلامة مع خوفه منهم عليه حتى أقدموا على ما أقدموا. وليتأمل ثالثا أنه بعد ظهور ذلك منهم كيف احتملهم ولم يجازهم على ما فعلوه بقطعهم واخراجهم عن محبته وعن النظر لهم.
وليتأمل رابعا صورة يوسف فيما وقع اليه من امرأة العزيز وكيف تشدد في الاحتراز عنها واحتمل لذلك الحبس الطويل حتى كانت عاقبة صبره ما حصل من اعتراف الكل بصيانته ووصوله الى الملك والبغية. وليتأمل خامسا ما دفع اليه اخوته في تلك السنين الصعبة من التردد الى يوسف يطلبون من جهته القوت واحتمالهم لما عاملهم به. وليتأمل سادسا كيف صبر عليهم وكيف احتمل في تخليص أخيه الى حضرته واحتباسه عنده على مهل وقد كان يمكنه التعجل.
صفحة ١٨٧