74

تنوير الغبش في فضل السودان والحبش

محقق

مرزوق علي إبراهيم

الناشر

دار الشريف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩هـ - ١٩٩٨م

مكان النشر

الرياض / السعودية

قَالَ الْقرشِي: وَأخْبرنَا خَالِد بن النَّضر عَن مَكْحُول: أَن أول مَا سمع دَاوُد [﵇] من حِكْمَة لُقْمَان أَنه رأى النَّاس يَخُوضُونَ وَهُوَ سَاكِت، فَقَالَ دَاوُد: أَلا تَقول يَا لُقْمَان كَمَا يَقُول النَّاس؟ فَقَالَ: لَا خير فِي الْكَلَام إِلَّا بِذكر اللَّهِ ﷿ وَلَا فِي السُّكُوت إِلَّا فِي الفكرة فِي الْمعَاد، وَإِن صَاحب الدّين قد فكر، فعلته السكينَة، وشكر فتواضع، وقنع، فاستغنى، وَرَضي فَلم يهتم، وخلع الدُّنْيَا فنجا من الشرور، ورفض الشَّهَوَات فَصَارَ حرا، وَانْفَرَدَ، فَكفى الأحزان، وَطرح الْحَسَد، فظهرت الْمحبَّة، واستكمل الْعقل وَأبْصر الْعَاقِبَة، فأمن الندامة، فَالنَّاس مِنْهُ فِي رَاحَة، وَهُوَ من نَفسه فِي تَعب، فَقَالَ دَاوُد: صدقت يَا لُقْمَان، وأعجب بِهِ وشاع ذكره بالحكمة، وَاجْتمعَ بعد ذَلِك النَّاس إِلَيْهِ يقتبسون مِنْهُ ويسمعون مِنْهُ الْحِكْمَة. قَالَ الْقرشِي: وَحدثنَا ابْن سمْعَان عَن زيد بن أسلم أَن لُقْمَان لما ظَهرت حكمته للنَّاس جَاءَهُ رجل من عُظَمَاء بني إِسْرَائِيل فَقَالَ لَهُ: يَا لُقْمَان، ألم تكن عبدا نوبيا لفُلَان؟ قَالَ: بلَى، قَالَ: فَمن أَيْن بلغت هَذِه الْمنزلَة؟ قَالَ: صدق الحَدِيث، وتركي مَالا يعنيني.

1 / 101