تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

ابن أبي نبهان الخروصي ت. 1263 هجري
78

تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

تصانيف

جعل نظرة عينه إلى ما شاهده راحة كف فيها كأس المشاهدة لوجه الحضرة ، وهو مشاهدته إلى الله بصفاته ، والوجه أول ظهور الشيء إذ لا آخر لصفات الله ، فهي حضرة جلت أن توصف بالحسن الذي يوصف به المخلوقين ، ولا أن يشاهد كلها كما يشاهد حسن المخلوقين كله، إذ لا كل لصفات الله، إذ كل صفة[25/أ] لله فهي بلا نهاية ، ثم قال :

فأوهمت صحبي أن شرب شرابهم ... به سر سري في انتشائي وصحوتي (¬1)

أي هم يشاء الله تعالى بالحضرات المقيدة بشيء من صفاته ، وليس المراد مشاهدة الذات ، بل هو قوة حضور ذكر القلب مع الله تعالى ، وذلك يشاهد الله تعالى بصفاته بالحضرات المطلقة ، فكان الفناء أغلب عليه حتى عن ذكر أصحابه وعن نفسه فقال :

ففي حان سكري ،حان شكري لفتية ... بهم تم لي كتم الهوى مع شهرتي (¬2)

أي حان وداعه لهم وشكره عليهم إذ فضل عنهم بقصور[50/ب] مراتبهم عن مرتبته فلو ساووه لم يكن أفضل منهم .

بيان : وبعد مراتب الفنى[هم] (¬3) درجات الجمع ، وهي درجة الأنبياء ، فإنهم على قوة حضورهم مع الله تعالى بالحضرات المطلقة عقولهم حاضرة مع الخلق للأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والقيام بالمصالح ثم الفناء [43/ج] بالحضرات على وجهين : حضور مع الله مع فناءه عن نظر المخلوقات ، وحضور مع الله فيما خلق .

وأعلى الحضرات الإلهية الدرجة الأحديه ، وهي درجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه يشاهد الله تعالى بجميع ما يعرفه به من الصفات ، وبجميع ما يشاهده من الكائنات ، فهو جامع للوجهين ، وفي الحضور إلى الله تعالى بهذه الحضرات يبلغ درجات المكاشفة ، ولكن لا يقصدها السالكون بل الله يكاشفهم ، فيرون ما لا يرى غيرهم .

[

¬__________

(¬1) ابن الفارض ، الديوان ص 26 ، و يوجد في الديوان بدل " صحوتي " ، " بنظرة " .

(¬2) ابن الفارض ، الديوان ، ص26 ، و يوجد في المخطوطة ، بدل " لفتية " ، " لأحبتي " و اعتمدنا ما في الديوان .

(¬3) زائدة في ب ولا معنى لها.

صفحة ٧٨