تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

ابن أبي نبهان الخروصي ت. 1263 هجري
175

تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

تصانيف

فإن الله خلق السماء على صورتها ، و النجوم على صورتها ، و الأرض على صورتها ، و كل شجرة على صورتها، و إنما المعنى الصحيح في ذلك أن الله خلق آدم ، و كل إنسان من ولده فهو مثله دالا على معرفة الله تعالى ، فخلق له ذاتا و هي العقل لا يعرفها من هي فيه ، و لا من هو من نوعه تدل أن ذات الله لا يمكن أن يعرفها مخلوق[76/أ] ، و جعل ذات الإنسان سمعية بصيرة مريدة متكلمة فاعلة أمره في كونها الذي هو شخصها ، ناهية بغير حرف و لا كلام ، منفعلا ما أرادته أن يكون ممن أمرته ، و ليس في المأمور قوة معرفة لفهم تلك الإمارة ، و ليس فيه شيء أبعد من [135/ج] شيء عليها ، و لا ينفعل شيء في شخصها بالاختيار إلا بعلمها و أمرها .

فإذا أمرت العين بالانفتاح و النظر إلى الأشياء التي أرادته كان ذلك ، وإن أمرتها أن تغمض غمضت ، و كذلك عضو شجرة الله من الإنسان أن يكون في طاعتها ثم نظرت إلى كون الله تعالى مع أن هو شخصها من كون الله فعرفت به أن لله ذاتا لا يمكن أن يعرف ذاته إلا هو ، و أنه سميع بصير مريد متكلم قدير أمره بغير حرف ، كائن ما أمره أن يكون ، و ليس في المأمور لأمره ، و إنما هو الذي يكونه فيكون كما أراد ، و ليس عليه شيء أبعد من شيء ، و لا يكون شيء إلا بتكوينه و بعلمه وقدرته ، فعرف صفات الله من صفاته ، مع أنه لا يجوز أن تشبه صفاته صفات الله تعالى ، و لكن في الإنسان صفات يعرف بها صفات الله تعالى ، و أنه لا يشبه صفاته تعالى صفات شيء من خلقه ، فهو معنى قوله - صلى الله عليه و سلم -: " أن الله خلق آدم على صورته" (¬1) ، فقرب فهم المطلوب تفهيمه بكلمة يعلمها أن الله لا يوصف] (¬2) بتلك ، إذ المعلوم أنه ليس لله صورة ، فأنى في التفهيم مما هو مفهوم أنه تعالى منزه عن وصفه بكذلك .

¬__________

(¬1) سبق تخريجه .

(¬2) سقط في ب.

صفحة ١٧٦