تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

ابن أبي نبهان الخروصي ت. 1263 هجري
163

تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

تصانيف

فإن قلت إن جميع ما ذكرته هو حجة عليك لا لك ؛ لأنه إذا كان كل هؤلاء عرف طاعة الله و الكفر و الإيمان ، و الطير عرفت الشيطان و غير ذلك ، أفلا يعرف الإنسان ، و هو أعقل[132/ب] و أجمل للعبادة كما ذكرت حتى يعلم البعث و الحساب و الثواب و العقاب ؟ فنقول : لم يتعبد الله خلقا من خلقه بشيء من عبادته إلا بما علمه إياه منها ، و أقدره عليها ، و كذلك الإنسان لا يتعبده بشيء بتحقيق علم لم يتضح له دليل يوصله إلى تحقيقه ، و أما إذا عرفه و حققه في نفسه بإلهام من الله له في قلبه لزمه على كل حال ، و إنما كلامنا لم يستطع أن يحقق علم ذلك في نفسه[70/أ] ، و لا سمع به ، و قد خطر بباله و لم ينكر ، و لكنه وقف على شكه ، و لم يعلم أن لله عبادة منها [124/ج] أنه يلزمه السؤال أن يعتقد ذلك ، و قد علم الله صدق رغبته و علمه في طاعته ، فالله أكرم من أن يعذبه عذابا أبدا خالدا [......] (¬1)

فإن قلت : أراك أن تحقيق العلوم لا تقوم به الحجة إلا بالسماع ؛ لأن الأمر فيه في وجوبه عليه انتهى إلى السماع و بالسماع ، فأقول لا أقول أنه لا تقوم بمعرفته الحجة إلا بالسماع ، و لكني أقول بما أراه حقا و لا أحيد عنه أن هذا مما تقوم به الحجة من العقل بعد السماع به ، ولا يعذر فيه بعد ذلك من كل من عبر له ذلك ، و متى خطر بباله ذلك و شك و اعتقد أن هدي إليه و إلا فعلى نيته في الجملة أنه لا يعصى تنجيه من الهلاك إلى أن تقوم عليه الحجة ، أما بإلهام من الله له في تحقيق ذلك ، و إما بمعبر يعبر له فتقوم عليه الحجة من عقله بعد ذلك ، و لا ينفس له في الشك حتى يسأل، و أما قبل أن تقوم عليه الحجة ، و لم[133/ب] يهتد إلى سؤال فعلى ما ذكرنا ، إذ ليس له طاقة غير ذلك ، و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

¬__________

(¬1) سقط في جميع المخطوطات بمقدار كلمتين .

صفحة ١٦٤